حلب قصدهم أم السبيل؟
في كل مئذنة حاو ومغتصب يدعو لأندلس إن دمرت حلب
________________________________________
أبوفراس الحمداني، الشاعر الأسير، الأمير، ابن عم سيف الدولة (أمير حلب). أرسل إلى حلب من سجنه البيزنطي أهم قصائده، إحداها غنتها أم كلثوم “:
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمر
نعم أنا مشتاق وعندي لوعة ولكن مثلي لا يذاع له سرّ
لكن السر اليوم في حلب مخيف جداً. فسورية كلها دون حلب ليست بلداً. وها هي تغدو كذلك إذا استمرت الحرب.
ما يزال عادل الجبير لا يريد حلاً سلمياً وتفاوضياً. (عادل الجبير رمزاً لا شخصاً) وعلى هذا الأساس ترسم الخطط وتنفذ العمليات، وتشترك السعودية مع تركيا في صنع المصير الحلبي الافتراضي وصولاً منه إلى “المآل” الشامي النهائي. وبطبيعة الحال فإن الحكومة السورية، بكل شرعيتها، أو مزاعم شرعيتها… ستحاول أن لا يحدث ذلك، تحاول منذ 5 سنوات ونيف.
الاطراف التي ستدمر حلب لها الآن صفات مشتركة سوداء : “النصر بكامل التدمير”. وسيقول الطرفان نفس الجملة الهندسية الشقراء: “سنبنيها”. من وجهة نظر هندسة الخراب، هذا صحيح. ولكن بنظر الإنسان السوري البريء والطبيعي… المدن التي تحطمها بيديك، في شهور، وكان ممكناً ألا تفعل…لن يعاد بناء جمال ذاكرتها إلا بدهور.
لماذا يفعلون ما يفعلون؟ في المحاور وأبطال المحاور ينشأ كيان جديد تشخصنه المعارضة كعدوجديد يحرض على عداوته، ويخطط للنصر عليه. أعني الروس بنظرالسعوديين… “ستهزم روسيا في حلب” . هذه إحدى العبارات السرية على جدران غرفة عمليات جبهة النصرة وجيش الإسلام تحديداً، وبقية الفصائل الصغيرة التابعه والقابضه. وهذا يعني استدراج خصم أخر لهزيمة تالية…هو إيران.
إذن، بعد كل الآمال بالسلام عبر التفاوض، جرى التعديل الكوميدي ، من “الشعب يريد إسقاط النظام” إلى ” السعودية تريد إسقاط النظام. إلى تركيا تريد إسقاط النظام “، وقد تكون كل هذه الآمال صحيحة، ولكن كلها تؤدي إلى تحطيم حلب نهائياً، ملتحقة بأخواتها من المدن المدمرة. وتحطيم حلب يتطلب نوعا من الأساليب العسكرية…تحقيق الانتصار بواسطة الأنقاض. (خذ اليمن كأنموذج لمثل هذه الحرب . إعلان النصر يكون براية وحيدة خفاقة في الريح فوق آخر مبنى له حائط يصلح لهذه الراية الوحيدة المنتصرة).
سيعود أبو فراس الحمداني إلى حلب، ولكنه لن يتعرف إلى الحي الذي خرج منه لمحاربة الروم، وعاد إليه، وقد دمرته حروب الأهل.
سوف لن يجد في انتظاره سيف الدولة، ولا المتنبي ولا صباح فخري ولا أصدقاءنا في ممرات ثقافة وضيافة حلب السخيّة، يتيمة الدهر.
سيقول مكرراً:
تكاد تضيء النار بين جوانحي إذا هي أذكتها الصبابة والفكر
قالت: لقد أذرى بك الدهر بعدنا فقلت: معاذ الله بل أنت لا الدهر
والحقيقة…لا أحد يعرف طرقاً سورية “جديدة” لانفجار القلب على موت المدن !