الانقلاب دواء الانتباه

احدى نصائح ميكيافيللي : “اذا اردت ان تقضي على معارضيك ،وان تبرزقوتك للجميع…اخلق انقلابا،وقم بالقضاء عليه “

_______________________________________

…لكن انقلاب تركيا، بد لي طبيعياً. ولن أقول كنت أتوقعه، ولكنني كتبت مرة على الفيسبوك، بعد اعتذار أردوغان من بوتين، ليس مستبعدا ان يعتذر، على نحو ما، من بشار الأسد، ولم يمض سوى أسبوع حتى صرّح رئيس وزراء تركيا أن العلاقة مع دمشق ضرورية.

ثم لم يمضِ سوى أسبوع آخر حتى وقع الانقلاب.

بلد مثل تركيا، عندما تتورم فكرته عن دوره، يقع فيما يسمى أخطاء العظماء. وأهم أخطاء العظماء إضرام الحروب أو تأمين ديمومتها. الأمر الذي ساق القيادة التركية إلى التدخل في المأساة السورية تدخلاً يزيدها تعقيداً، وتؤدي إلى الكوارث، تحت وهم العظمة التركية، ووهم السهولة في إسقاط نظام بشار الأسد. وجرّ هؤلاء معهم سياسات المعارضة السورية ومواقفها. وبلغ جنون العظمة حد التحرش بالدب الروسي، الدب الذي أوضح للجميع، من اول عاصفة حربية، أنه آت إلى سورية لمنع سقوطها في “أي ” حضن. إن الحرب على سورية، بهذا الوضع الدولي والإقليمي، كان يحتاج إلى حسابات دقيقة، ولقد فعلتها أمريكا ،ولم تفعلها تركيا ، وسوف تفعلها دول الغرب (إن لم تكن فعلتها)…

فلقد وصل الإرهاب إلى منسوب لا يحتمل ، من خميرة سورية، وعجين أوروبي.

في نفس الوقت يقع قادة مثل أردوغان في خطأ الأفكار، التي تشترك، مع المصالح، في إنتاج السياسة او صناعة الوهم . لقد توهم أردوغان إمكانية نجاح مشروع “عدالات وتنمية” في الدول العربية على غرار حزبه. واقتحم المحيط الإقليمي على هذا الأساس. ولو نجح الإخوان المسلمون في مصر، لسمّى أردوغان نفسه إمبراطور المسلمين.

الانقلاب، بصفته المجهضة، سيكون سبباً لتغيير جذري في القسم المتهور من السياسة التركية، والمتدهور من الأفكار الأردوغانية.

ذلك درس قديم ودائم الفعالية…”لا تنم على حرير السلطة، لأنك جئت بالانتخابات، فصناديق الاقتراع ليست حصناً ضامناً للعدالة ، والشرعية
ليست مطلقة ،إذا كان هناك من يتذمر وهو يراك ترتكب خطأ تلو الآخر: كل الانقلابات حدثت ضد شرعيات.
وكل الانقلابات نفذها عدد قليل من الضباط والدبابات. القيادة التركية تشبه بطل كمال الجسام الذي نمت عضلات يديه، ولم تنم بقية العضلات. لقد رأت إمكانية استخدام القوة في المحيط الإقليمي، ما دامت العضلات هي في حلف “النيتو” والاسلام ، وما دام ثمة إجماع دولي على إسقاط النظام السوري.

لم يتذكر أردوغان أن روسيا، وإيران، والعراق، وحزب الله، يجب أن تحسب حسابهم في المعادلة السورية. وأن التسوية المغشوشة مع إسرائيل لا تضيف حذرا الى هؤلاء.

أنا لا أحلل أسباب الانقلاب، ولكن بدا لي طبيعياً في مصنع الأخطاء التركي، لا لأن العسكر عادة يخترعون عجينة الحل، بل لأنهم يثيرون فضيحة الخطأ.

الآن…على تركيا العودة إلى حجمها.

وأن تعلم … أن لعبة “البنغ بونغ”، بدون مهارة، تصبح…لملمة طابات من تحت الطاولات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى