وللحروف سحرها الخاص ( 2 )
خاص بموقع ( بوابة الشرق الأوسط الجديدة )
حروف قد تبخرت من ألسنة الكثيرين ليس لجفاف في الحلوق ، وليس لقلة بضاعة في اللغة ؛ ولكن جفت القلوب وأقفرت فقحطت الألسنة !!
لماذا غاب عنا مدى سحر الكلمات ؟؟ لماذا نبخل بها مع أنفسنا ومع الآخرين ؟؟
أما رأينا في المقال السابق كم كان لكلمات المعلم على محمد القحطاني الأثر البليغ في إخراجه من بقعة مظلمة في الحياة إلى قمة الأضواء والشهرة والنجاح ..!! إنها الكلمة ..ياسادة !! هذه القوة المؤثرة والطاقة الخارقة الفاعلة .. وكل عاشق للغة يدرك هذا التأثير الكبير الذي تحدثه الكلمة في الإنسان،فكم وكم من كلمات صنعت حضارات وكم من كلمات أشعلت حروب وألهبت فتن !! وكم من كلمات حولت عداوات ونزاعات إلى محبة ووفاق!!
نعم ..بالكلمة الطيبة نستطيع تحويل العالم كلّه إلى مكاناً أفضل بل و أجمل!!
فالكلمة أقوى سلاح على مر العصور … لكنه ذو حدين !!
* فبالكلمة قد نحي أملاً في نفوس الناس وبها قد نقتله !!
* الكلمة قد تمزق علاقات وأخرى تبني جسورألفة ووداد …
* كلمة تحوّل العدو صديق والعكس صحيح …
* كلمة تجبر قلوب وأخرى تكسرها …
فمن منا لم يتعرض للطعن من خلال كلمة ” ورب جرح كلام أوجع من ضرب الحسام !! ”
ومن منا لم يختبر الراحة والطمأنينة من خلال كلمة من أحدهم قيلت في لحظات مؤلمة ؟…
ولابد أن كثيراً منكم عاين معنى أن يتحطم تحت ثقل كلمة متهورة قاسية ؛ وبالمقابل الكثير عرف معنى أن يستجمع شجاعته وقوته من خلال حروف أمل اخترقت ليل يأسه وقلبتها إلى فجرٍ باسم !!
* بالكلمة قد تصنع إنسان وبها قد تدمره …!!
* بالكلمة نصنع من أطفالنا مبدعين ناجحين وبها نطمس عبقريتهم ومواهبهم !! فكلمة ” أنت عبقري موهوب ” كفيلة لجعل طفلكم كذلك وبالمقابل فإن كلمة
” غبي فاشل ” قادرة على إغلاق ذهنه وطمس مواهبه ؛ فلقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الكلمة ترسم صوراً في مخيلة الإنسان ثم يعمل العقل على إكمال هذه الصور ومن ثم تحقيقها وإليكم أحد هذه الأدلة ..
أرسلت مدرسة المخترع العظيم أديسون رسالة معه لوالدته وكان في الصف الأول الإبتدائي آنذاك .. مكتوب فيها ” السيدة المحترمة أديسون :نأسف أن نخبرك بأن ابنك هذا شديد الغباء والبلاهة ولا فائدة من وضعه بالمدرسة وننصح باعتنائك به في المنزل “.إنحدرت دموع الأم وهي تقوم بطي الرسالة ، فنظر إليها الطفل مشفقاً وهو يسأل : ماذا كتب في الرسالة ياأماه ؟؟ فأجابت : يقولون إنك طفل شديد الذكاء ، سابق كل أقرانك ، وبأنك عبقري ؛ لذلك طلبوا مني الاعتناء بك في المنزل لأنه سيكون لك شأن كبير في المستقبل يالا فرحتي بك ياولدي”. ثم عكفت على تدريسه في المنزل وكان من أديسون ماكان !! وعندما كبر أديسون ووقعت بيده رسالة مدرسته بعد أن توفيت والدته نزلت دموعه بشدة وقال مقولته المشهورة :
” الطفل الغبي أحالته كلمات الأم الرائعة إلى عبقري عظيم ” .
الكلمة ثم الكلمة ..
لا تبخلوا بالكلمة الطيبة الجميلة الإيجابية .. اِهمس في أذن اِبنك ” ياولدي أرى إنك ستكون من العظماء في المستقبل ”
لا تبخلي بها لابنتك قولي لها ” إني متأكدة من أنك ستكونين سيدة مجتمع راقية أفتخر بها ” !!
لا تبخل بها لزوجتك أثنِ على قهوتها الصباحية ، على مظهرها ، طهيها، تنظيمها في المنزل ، تربيتها للأولاد ..فكلمة” أنتِ رائعة في كل شيء” !! كفيلة لشحن المنزل كله بأثير السعادة والسرور وجعله كالجنة !! وبالمقابل كذلك لا تبخلي أنتِ بها على زوجك امتدحي جهوده في سبيل لقمة العيش قولي له ” أنت رجل بكل معنى الكلمة ؛ رجل لا مثيل له ” حروف تجعله ينسى تعبه وهمومه وتزيد روابط الألفة والمحبة بينكما !!
نعم فطيب الكلمة أو خبثها يبني بيوت ومجتمعات أو يهدمها وهوأساس في سعادتها أو بؤسها !!
* لا تبخل بالكلمة الطيبة قلها لأمك وأبيك ..لإخوانك مدير لموظفيه .. وموظفين لمديرهم .. أستاذ لطلابه .. لجيرانك ، لأصدقائك ، لزملائك في العمل الخ ، حتى لعامل النظافة ماذا لو قلت شكراً على جهودك الطيبة !!
قالوا : أنفق ما بين كفيك وأنفق ما بين فكيك، أي كن كريماً في العطاء و كريماً في الكلام الطيب !!
قال الله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء ).
إذن فلنتخيّر كلماتنا كما نختار أنواع الزهور من البساتين إن أحببنا أن نجني عسلاً ؛ وإياكم أن تهملوا تأثير حروفكم وابتعدوا عن السلبي منها كما تبتعدوا عن اختيار الاشواك !!
قال أحد الحكماء أدركت أقوام يحرصون على كلماتهم أكثر من حرصكم على دنانيركم ؛ أي كانوا شديدي الحرص ماذا ستفعل الكلمة عندما تغادر شفاههم ؟ هل ستقتل أملاً أم ستحييه ؟ هل ستجرح أم سترمم ؟ هل ستكون داء أم دواء ؟ هل هي طيبة أم خبيثة ؟ هادمة أم بنّاءة . ؟؟
مهما كتبت فلن أنتهي عن مدى تأثير الكلمة لذلك سأوزودكم في المقال القادم بإذن الله تعالى بأحدث الدراسات في طب الأعصاب وفي علم النفس حول طاقة وتأثير الكلمة على أنفسنا وعلى الآخرين وهذا ما سيدهشكم !!
تسعدني متابعتكم
لكم مني أطيب التحيات
* مدربة تنمية بشرية
www.facebook.com/lmatteet