استعادة طه حسين في ذكراه الأربعين (خالد عزب)

 

خالد عزب

احتفل «بيت السناري» في القاهرة (التابع لمكتبة الإسكندرية) أخيراً، بمرور أربعين عاماً على وفاة عميد الأدب العربي طه حسين، وعلى هامش هذه الاحتفالية نظّم معرض لمقتنيات وأوراق شخصية عائدة إليه، إضافة إلى سلسلة ندوات عن حياة طه حسين وتراثه الأدبي.
يتضمن المعرض عدداً كبيراً من الوثائق الخاصة بطه حسين والتي سبق تسلّمها من الأسرة ممثلة في حفيدته مها عون التي رحبت بإعطاء مكتبة الإسكندرية الوثائق والأوراق الشخصية لأخذ نسخ رقمية منها ونشرها على موقع ذاكرة مصر المعاصرة، وذلك في إطار توثيق حياة طه حسين، بالإضافة إلى وضع كتالوغ توثيقي عنه.
تمثل الوثائق المعروضة حياة طه حسين من جوانب مختلفة فهي توضح من هو الأديب الراحل وما هو فكره ومدى علاقته بالمجتمع، ومن المعروضات وثيقة «أنا» التي يتحدث فيها طه حسين عن نفسه. يقول: «إن كان حقاً أن بعض الناس يعرفون أنفسهم معرفة تتيح لهم أن يتحدثوا فيسرفوا أو يوجزوا في الحديث عن أنفسهم تلك التي لا يعرفونها أو يزعمون أنهم يعرفونها، فإنني لا يضيرني أن أعترف بأني لست أعرف نفسي…».
ثم ننتقل من «أنا» إلى طه حسين الطالب وعرض الرسالة التي بعث بها إلى رئيس الجامعة لرغبته في الذهاب إلى باريس، كما توجد وثيقة بمنحه مكافأة من جامعة السوربون لتفوقه العلمي. وتتضمن المعروضات وثائق تعيينات طه حسين في المحافل المختلفة ومنها المجمع العلمي، وتعيينه أستاذاً في كلية الآداب، ومستشاراً فنياً في وزارة المعارف.
تضم الأوراق أيضاً مسودّات الرسائل التي كان يرسلها طه حسين وبعض خواطره، ومن أهمها وثيقة اعترافه بالجميل لطلعت حرب باشا لإقراضه مبلغ مئتي جنيه.
تعبر الوثائق عن علاقة طه حسين بالمجتمع، فهناك عدد من التلغرافات المرسلة إليه لتهنئته بزواج ابنته أمينة وأخرى لتعزيته بوفاة والده، ومن مرسليها حسن البنا، نظلة الحكيم، توفيق الحكيم، فؤاد سراج الدين، عباس محمود العقاد.
ويتضمن المعرض جزءاً خاصاً بالمعجبين بطه حسين والقصائد التي كانت ترسل إليه، ومنها قصيدة الشيخ محمد متولي الشعراوي أثناء ترحيبه بطه حسين في زيارته لجدة ويقول فيها:
يا عميد البيان أنت زعيم… بالأمانات أريحي الأداء
وإذا القوس أعطيت من براها… فارتقب موقنا سديد الرماء
لك في العلم مبدأ طحسني… سرى في العالمين مسرى ذكاء
يجعل العلم للرعية جمعاء… مشاعا كالماء بل الهواء
من بين القصائد أيضا قصيدة محمد عبدالله عزام التي يعبر فيها عن الأسى لتخلي طه حسين عن منصب العميد ويقول في مطلعها: «جزعت نفسي لما قيل لي لم يأت العميد»، وغيرها من القصائد الأخرى في مدح طه حسين والترحيب به وقصيدة تهنئته لتقلده وسام النيل من طاهر الطناحي. كما يتضمن هذا الجزء بعض الوثائق التي كان يرسلها أشخاص يرغبون في التبرع بعيونهم له، منها رسالة من موظف في محلات صيدناوي كتب فيها: «لقد سمعت أنه من الممكن تبديل عين الإنسان لإنسان آخر، فأنا أقدم لك عيني بكل سرور».
من المعروضات أيضاً جزء خاص عن طه حسين بين مؤيديه ومعارضيه، يتضمن نماذج من الرسائل التي كانت تهاجمه، منها واحدة أرسلها شخص يدعى السعدني السنجهالي من تونس بدأ كلامه بـ «إلى طه حسين الكلب أعمى البصيرة». ويضم هذا الجزء في المقابل رسائل تؤيده وتهنئه بعودته إلى الجامعة ونصرة الحق.
يتضمن المعرض أيضاً نوادر لطه حسين منها مسودة كتاب بعنوان «دنيا القرآن»، ومقدمة كتاب لم ينشر بعنوان «الديموقراطية» يقول فيها طه حسين: «كلمة من هذه الكلمات التي يسمعها الناس فيخيل إلى كل واحد منهم أنه يفهمها حق الفهم ويحبط بمعناها من جميع أطرافه. ثم لا يلبث أن يكون لنفسه في هذا المعنى رأياً فيرضاه ويأباه أو يتردد بين ذلك، ولكنك لا تكاد تسأله عما فهم من هذا اللفظ حتى نشعر أن ليس بينك وبينه اتفاق في الرأي وأنه قد فهم من هذا اللفظ غير ما فهمت وذهب من تأويله مذهباً لم يخطر لك».
وهناك مسودات المقالات التي كان ينشرها طه حسين في «حديث الأربعاء» وبعض خطبه مثل خطبة بعنوان «السحر الحلال» ألقاها أثناء تكريمه في اتحاد التعليم الحر العام، وأيضاً كلمته في تكريم وزير المعارف نجيب الهلالي، وكلمته في تأبين كل من حسنين هيكل ولطفي السيد.
وفي المعرض عدد من الصور الفوتوغرافية لطه حسين في مناسبات ومع شخصيات مختلفة، ومنها مع أسرته، وهناك جواز سفر طه حسين وبطاقة المؤتمر الوطني للقوى الشعبية الخاصة به.

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى