لغز عيد الميلاد …
عيد الميلاد بالنسبة لي كان مجرد شجرة العيد ..هدية بابا نويل … زينة البيوت ..عشاء العيد .. صلاة .. سهرة الأهل .. معايدة الأصدقاء ..
طقس جميل يكسر روتين الحياة اليومية بلونيه الأحمر والأخضر .. ويضفي عليه لمسة فرح وسعادة بهدايا العيد، وسحر المفاجأة وجمال اللقاء …
منذ ثلاثة أعوام … ومع استباحة الدم السوري … فقد العيد بريقه وسحره وتحول الى مناسبة حزينة بعيدة عن أجواء البهجة والفرح، تنحصر بمواساة الحزانى، ولملمة جراح المنكوبين والمفجوعين بعد أن بدأ الهم والغم يتسرب الى قلوب السوريين ، وهم يعاينون ويعانون من تبعات إخفاق أي حل سلمي أو سياسي أو ديبلوماسي يخفف معاناتهم، ويتلمسون بأسى ما ستؤول إليه الأوضاع الأمنية والأمور الحياتية إذا ما استمر العنف والقتل والموت وتدفق الغرباء المحملين بأسلحة الحقد الطائفي .. وأصوات الاعلام الذي يعزف على أوتار التفرقة والتقسيم والتخوين ..
حال لم يعد خافياً على أحد .. كمّ الألم والأوجاع التي تعتصر قلوب السوريين .. وحالة الفوضى والضياع التي يعيشها المجتمع السوري ككل.
فقدنا الكثير من الأهل والأصدقاء ، الذين دفعهم الفلتان الأمني ، والدمار الاقتصادي والمجتمعي إلى الهجرة والرحيل .. تاركين خلفهم كمّاً هائلاً من الذكريات الممزوجة بالشوق والحنين .. وبيوتاً كانت عامرة بنوها بعرق الجبين .. وأحلاماً استثمروا فيها كل ما يملكون من مال وآمال وطموحات ..!!
خسرنا ثلاث سنوات من عمرنا ونحن ننتظر الحل أو ننتظر خبراً مؤلماً .. كثيرون خسروا كل ما يملكون .. خسروا بيوتهم وأشغالهم .. فقدوا محبيهم .. وضاعت أحلامهم …
ولكن ما عشته ورأيته وشعرته من عظمة وجبروت وقوة الحياة عند هذا الشعب دفعتني الى أن أزين شجرتي هذا العام بلمسة حب وفرح لم أضعها من قبل .. لتكون فرحتي بالعيد مختلفة تماماً عن أي عام مضى، فقد تعلمت خلال السنوات الثلاث الماضية كيف نصنع الفرح من بين الحزن والألم ونرسم البسمة … شعرت بالمعنى الحقيقي للحياة ومعنى الفرح .. شعرت بأهمية الحياة .. وبأننا أبناء الحياة ولسنا أولاد الموت .. وكيف يتأقلم الانسان ويقاوم اليأس والاحباط ويستمر … تعلمت كيف أن الشعوب هي الأقوى ، وأن إرادة الحياة فيها لا تنكسر وقوة الأمل لا تقهر …
خسرت الكثير من الأهل والأصدقاء ، ولكني تعرفت على أصدقاء جدد حقيقيين جمعنا الحلم والأمل من أجل بناء الوطن .. من عتمة الزنازين والخوف تعرفت على شباب لا يكلّ ولا يملّ ويريد بناء الوطن .. من بين ركام الحجارة والبيوت المهدمة تعرفت على ناس تقاوم الموت وتسعى للحياة .. من بين القبور تعرفت على ناس تدفن موتاها وتمضي لتكمل مسيرة الحياة …
شعرت بقيمة كل لحظة بالحياة ، وقررت أن أعيشها بشغف ، وأن لا أضيع دقيقة دون معنى أو ذكرى حلوة … تعلمت أن عيد الميلاد هو ميلاد الفرح والمحبة والسلام .. ميلاد الأمل ..
وبالنهاية تعلمت أن الحياة والحب والفرح والأمل والانسان هي الأقوى .. وأن إرادة الحياة لا بد ستنتصر …
لذلك زينت قلبي وبيتي وشجرتي هذا العام بالأمل .. لأن الغد أجمل ….
وكل عام وأنتم بخير …. !!!
25.12.2013