كذبة نيسان السياسية السورية !

لماذا يتفاءل السوريون في الداخل بتصريحات المسؤولين في البيت الأبيض عندما تتعلق بتغير شكلي في الموقف الأميركي؟ وهذا السؤال له شق آخر: لماذا يُستنفر المعارضون المسلحون المنضوون في وعاء “هيئة التفاوض” عندما يشعرون أن مثل هذا التغيير يشكل خطرا في الموقف الأمريكي منشؤه الموقف من الرئيس السوري بشار الأسد ؟!
إذن . مثل هذه التصريحات هي مفاتيح مهمة للبحث عن رؤية واقعية لطبيعة الأزمة السورية، الداخل يعي جيدا أن الحل هو ذو بعد دولي ، وتحديدا يحتاج إلى مؤشر أميركي على نوعية مشابهة لهذا الموقف، فإذا كانت المشروعات المطروحة من الداخل السوري تُشرِعُ أمام المشاركين كل أنواع الحل، شريطة أن تبقى الدولة متماسكة إلى أن يحين موعد التغيير، فإن المشاريع المطروحة من الخارج السوري تغلق كل أنواع الحل التي يبقى فيها الرئيس السوري حتى للحظة بدء الانتخابات الجديدة، وهذه المتاريس تغلق أفق الأمل الوطني!
بل إن هذا يعني أن الداخل معه حق في طرحه حتى أولئك الذين لايؤيدون الرئيس الأسد، وهذا يعني أن الخارج غير مقتنع بأن الوقت سيأتي ليتسلم السلطات بطريقة شرعية، حتى أولئك الذين ظنوا أنهم سينزلون في مواقع السلطة بالبراشوت.. والطريف في المسألة، أن أحد المحللين السياسيين طرح حلا ساخرا يقول:
ــ كان يجب أن يعملوا إنقلابا ، بدلا من الحرب التي دمرت البلاد !!
أي أن الجميع متشائم إلى درجة اليأس !
في نيسان من كل عام ، يقع كثير من السوريين في حفرة الكذب الموسمي، الذي يحمل سمة المزاح، وذلك في الأول من نيسان ، وعندما خرج المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ليعلن أن الشعب السوري هو المعني بتغيير رئيسه، وخرج في الوقت نفسه وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون من أنقرة، ليقول إن بلاده ترى أن مستقبل الرئاسة في سوريا أمر «يقرره الشعب السوري». عندها قال كثيرون: إنها الحفرة الموسمية للسوريين، ولكنها هذه المرة “سياسية” ، فمن سيصدق أن أميركا اتخذت هذا القرار ؟!
ربما يكون ذلك صحيحا، حتى لو ترافقت التصريحات مع موعد كذبة نيسان.. من يدري؟! وهنا سألت امرأة سورية زوجها ، وهي تسمع الأخبار : وماذا يعني ذلك ؟!
فرد الزوج بثقة المخدوع بكذبة نيسان :
هذا يعني أنها ستنفرج، وسيتغير موقف الدول العربية من الموضوع، وهذا بالضرورة سيعني تغيير موقف الهيئة التفاوضية في الرياض..
ــ إي ؟! سألت الزوجة، فرد الزوج :
ــ يعني خلصت !!
وهنا ابتسمت الزوجة ، وقالت :
ــ شو عم نضحك على بعضنا ؟!
المأساة أن الحرب والسياسة صارت على طاولات المدارس، وفي غرف النوم، وعلى قارعة الرصيف.. ومع انتشار موجة عدم التصديق لا لما يقوله الاعلام المحلي السوري، ولا لما يقوله إعلام المعارضة بكل تلاوينها، ولا لما يقوله الاعلام العربي الذي يسمونه رسميا “إعلام سفك الدم” .. مع انتشار هذه الموجة من عدم التصديق، ربما لاينتبه السوريين إلى أن “كذبة نيسان ” صحيحة هذه المرة، وعليهم استغلا ل اللحظة المناسبة لتقديم تنازلات من كل الأطراف للشروع في عودة سورية إلى الأمان والدخول في عملية البناء على أوسع مدى !!