الى أولادي ….. !

لم أكن أتجرأ على الاعتراف بأنني لست على ما يرام .. فمنذ أكثر من ستة أعوام وأنا أقاوم وأتجاهل وأحاول أن أبقى على ما يرام ولكن !!

أريد الاعتراف لكم أنني لست بخير … !!

القلق .. الأرق .. الخوف .. الضياع .. يرافقني منذ أن بدأت الاضطرابات والمشاكل في سوريا ..

وقتها لم أكن أملك حسابا فيسبوكيا .. ولا عالما افتراضيا وهميا” .. كنت أعيش معكم .. وقتي وجهدي وأحلامي كلها لكم ولتحقيق مستقبلكم وأحلامكم ..

ولكني وبعد أول رصاصة أطلقت في وجه سوري بريء من بندقية سوري آخر .. كانت الرصاصة التي اغتالت راحتي وأحلامي ووقتي وعقلي وعاطفتي .. فأدمنت العوالم الافتراضية والتهيت بأفكار ومحاولات اعتبرتها إنسانية ، وضرورة وحاجة وطنية .. وبدت فكرة إنقاذ البلد والنَّاس والقيم الأخلاقية بالنسبة لي أولوية .. سرقتني منكم ووضعتني على طريق اعتبرته هو الأولى والأصح .. فأهملتكم وانشغلت عنكم .. وأصبحت متوترة عصبية ..!! أحتقن من ضعفي .. وأحتقر عجزي .. وأتلفظ أمامكم بكلمات وألفاظ مؤلمة مؤذية… فأختنق بالكلمات وتحرقني الدموع .. ويبتلعني الخوف عليكم فأخشى قول الحقيقة .. وأجمّل الواقع .. خوفا من دوامة الحرب والتخوين أن تحرقنا وتفتك بِنَا .. وتقتل ما تبقى من لنا من أمل.

تهت في دوامة ما هو الصح ؟؟ وكيف أحميكم .. ولا أساهم بقرارات قد تدمر مستقبلكم .

قتلني عجزي عن حمايتكم .. وعجزي عن الإجابة عن تساؤلاتكم !! قتلتني نظرات الخوف في عيونكم ، ورجفة الدمع في أصواتكم عندسماع صوت تفجير أو قصة موت ، أو مشاهدة صور قتل ودمار !!

وماذا أفعل لأوازن بين حلمي بانقاذ البلد وإنقاذكم من نيران حرب تلتهمكم وتلتهم البلد وتلتهم أحلامي معكم ..

ضعت وأضعت قلبي وكان كل هذا على حسابي وحسابكم…!

في كثير من الأحيان أشعر بالضعف وبأني أنا الطفلة المرهقة المتعبة .. وأنتم لي الأم الحنون .. لأضع رأسي على صدركم الطيب البريء وأبكي قهري وعجزي .. لأشعر أنكم كبرتم ..وكم أنا بحاجة لكم. صحيح أنني معكم ، ولكني لم ألاحظ كم كبرتم ، ولم أستمتع كما كنت أخطط وأحلم بكم ..

فبعد ست سنوات أدركت أنني أهملتكم وأسأت لطفولتكم .. لأنني اعتبرت أن هناك وقت فيما بعد لكم ..!! فاعذروا عجزي وضعفي وكلماتي القاسية بحقكم ..

أدركت أخيرا .. أن الحرب في داخلي تحرمني منكم .. وأن السلام الذي أحلم به وأريده لن يبدأ الا اذا اعترفت بعجزي وضعفي واعتذرت لكم .. وأغلقت عوالمي الافتراضية ووازنت بين واجباتي الانسانية وبينكم، لأقول لكم شكرا لأنكم كُنتُم لي أماً في كثير من الأحيان .. وأنتم المستقبل والحلم والفرح الذي مهما حاولت تأجيله لن يتحقق الا اذا عدت لكم !!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى