إلى زوجي
جذبني صوتك وحديثك منذ اكثر من خمسة عشر عاما .. ومازال ..
لم أكن قد رأيتك بعد ولكن فعلا كان هناك سحر خاص في كل كلمة قلتها لي عبر الهاتف .. ليتحول السحر الى انجذاب واعجاب منذ رأيتك لأول مرة .. واليوم وبعد اكثر من خمسة عشر عاما على هذه الذكرى .. مازلت أشتاقها .. وأشتاقها الأن اكثر من قبل .. لعلها (( الحرب وسنين الضياع ..))
ههههه …! كانت تضحكني هذه الجمل الطنانة والتي لم أكن أتوقع أنني سأرددها يوما ما أو أنني سأعيشها حتى .. فعلا فالحرب وسنوات الضياع ..هي أنسب توصيف لما نحن فيه الأن .. !!
الحرب التي التهمت أجمل أحلامنا .. وسنين الضياع التي فقدنا فيها أجمل سنوات عمرنا وشبابنا .. ونحن ننتظر الخلاص لنكمل ما بدأناه .. ونحصد مما زرعناه …!!!!!
يهرب كل منا الى عالمه الخاص .. ندفن فيه أحزاننا ونستهلك وقتنا بعيدا عن بَعضنَا وبيتنا وأولادنا .. نهرب من أن تلتقي عيوننا والتي سبق وقرأت قصة عشقنا ، خوفا من أن تقرأ الآن عجزنا وضعفنا .. !! نتشارك في بعض الأحيان ، وبمحض الواقع المؤلم ، الدمع والذهول على قصص الحرب المدمرة ، وحكايات القتل والعنف والفساد المدمية .. وننسى طموحنا وأحلامنا وقصة عشقنا وحبنا ..
نلهث خلف حاجات الحياة الأساسية لنؤمن الدفء والماء والبقاء لأولادنا ..ونتلهي بالتفكير كيف سننقذ البلد والنَّاس وكيف سنحمي أطفالنا وننسى أن نحب بَعضنَا ..
نعم جمعتنا الحرب في كثير من الأوقات وقربتنا .. بقصصها ومحاولة التحايل عليها والهرب منها .. ولكنها أيضا .. فرقتنا .. لنتحول الى مجرد أشباه كائنات بشرية ، تائهة بين الموت والحياة .. تبحث عن قيمة ووجود ومكانة لها في العوالم الافتراضية ..
آلمني مشهد كثيرا ما آراه ..ولكنني ولأول مرة شعرت أنني لا أريد أن أحياه… امرأة تودع زوجها وتبكي فراقه .. وتحيا على ذكراه .. وتندم على وقت ضائع كان بقربها ولم تحياه .. كم أنا بحاجة إليك لأجد نفسي جالسة قربك ، ولكن كل منا غارق في عالمه الخاص،فأغلق عالمي الخاص .. وأقرر أن أعود اليك لننسج عالمنا الخاص الذي طالما كان مليئا بالشغف والحب والحياة ..!! والذي منه أستمد القوة والفرح والقدرة على البقاء …
لأن العمر يمضي .. ونحن نؤجل ونؤجل بانتظار انتهاء الحرب وبانتظار اللحظة المناسبة لنحياه ..
لا يا عزيزي نحن نصنع هذه اللحظة .. ويجب معا أن نحياه ….!!