خلال أقّل من أسبوعين أكّد ليبرمان أنّ بلاده ليست بصددٍ حربٍ ضدّ حماس أوْ حزب الله

خلال عشرة أيّام كرر وزير الأمن الإسرائيليّ المُتشدد أفيغدور ليبرمان مرّتين، على أنّ إسرائيل ليست بصدد فتح حربٍ في الشمال ضدّ سوريّة وحزب الله، أو في الجنوب ضدّ قطاع غزّة وفصائل المُقاومة الفلسطينيّة وفي مقدّمتها (حماس)، وليبرمان، هو من أكثر الوزراء الإسرائيليين تطرفًا، ولكنّه هو الذي يتلقّى بصورةٍ مباشرةٍ الصورة الاستخباريّة الصحيحة من شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان).
ولكن بالمُقابل، لا يُمكن التعويل على أقوال الوزير الإسرائيليّ، فمن الجائز جدًا أنّه يدخل في إطار الحرب النفسيّة الإسرائيليّة ضدّ محور المُمانعة والمُقاومة، وهدفه طمأنته، ربمّا لتنفيذ هجومٍ مُباغتٍ في الشمال أو في الجنوب، ذلك أنّ إسرائيل تقول وبالفم الملآن إنّ أسوأ سيناريو قد تُواجهه اندلاع الحرب على الجبهتين الشماليّة والجنوبيّة في آنٍ واحدٍ، مع التشديد، على أنّه بالإضافة إلى ترسانة حزب الله العسكريّة، فإنّ تقديرات الأجهزة الأمنيّة في تل أبيب تؤكّد على أنّ حماس تمتلك صواريخ قادرة على ضرب حيفا ومنطقتها في شمال الدولة العبريّة.
وفي هذا السياق كشف رئيس تحرير موقع (ISRAELDEFENSE)، المُحلل عمير راببورت النقاب عن أنّ ضباطًا ومسؤولين كثر في أجهزة الأمن الإسرائيليّة، اجتمعوا الأسبوع الماضي، في قاعدة بالجنوب لمناقشة مسألة “كيف يمكن هزيمة حماس؟”، مُشدّدًا على أنّه يمكن التطرق لهذا اليوم على أنّه “يوم استشارات”.
من جانب آخر، أضاف راببوررت، نقلاً عن مصادره الأمنيّة الرفيعة، أنّه يمكن النظر لذلك على أنّه إشارة ممكنة لتغيرات في الإستراتيجيّة الإسرائيليّة: هل في جولة القتال القادمة لن تكتفي إسرائيل بردع حماس، كي لا تطلق صواريخ وقذائف من قطاع غزة نحو إسرائيل، وتعمل بدلًا من ذلك على القضاء على حكمها؟
وأشار إلى أنّه من الصعب أنْ نعرف في هذه المرحلة، العصف الذهني حول طرق هزيمة حماس، الذي بادر له قائد المنطقة الجنوبيّة في الجيش، الجنرال ايال زمير، لكن يمكن الترجيح بأنّ الأمر هو أمر الوزير ليبرمان، وهو نفسه ليبرمان الذي قال أكثر من مرة أثناء تواجده في المعارضة إنّ إسرائيل يجب أنْ تعمل على تدمير حكم حماس واغتيال رؤسائها.
وشدّدّ راببورت على أنّه لا يمكن معرفة إذا ما كان هذا الأمر سيتم توجيهه للجيش الإسرائيليّ في حال نشبت جولة قتال جديدة أمام حماس، لكن يبدو أنّه لو أعطيت هذه التعليمات، فإنّ الجيش الإسرائيليّ مستعد أكثر من أي وقت مضى لتنفيذ ذلك.
وذكّر المُحلل بأنّ رئيس شعبة الاستخبارات الجنرال هرتسي هليفي وجّه الأضواء نحو حزب الله، في الخطاب الذي ألقاه بمؤتمر هرتسيليا قبيل نهاية الأسبوع الماضي، حيث اعتبر حزب الله العدو الأكثر خطرًا على إسرائيل اليوم، وكشف أنّ إيران أقامت عبر للتنظيم بنى لإنتاج آليات قتال متطورة على أرض لبنان نفسها.
لم تمر أيام، تابع، إلّا وقام مقاتلون تابعون لجيش بشار الأسد، أيْ للجيش العربيّ السوريّ، بتسخين الشمال في جبهة هضبة الجولان، قوات الأسد صدّت هجومًا للمتمردين من رجال جبهة النصرة التابعين للقاعدة. الجنود، المحافظون على أماكنهم، أطلقوا قذائف هاون، أكثر من 10 منها سقطت في مناطق إسرائيل. بالإضافة لذلك، أدى ذلك لتضرر بساتين الكرز في أوج موسم القطف، ومستشفى بالمنطقة ومدرسة لضباط سابقين للجيش السوري قرب القنيطرة.
لحسن الحظ، تابع، لم يبلغ عن وقوع إصابات، لقد كان التوتر عاليًا بدرجة كبيرة: إسرائيل لديها سياسات بعدم التهاون في أي إطلاق نار على مناطقها، حتى لو اتضح أنّ الأمر تم بالخطأ.
وعلى خلفية قول هليفي، أجري نقاش يوم الجمعة الماضي، نقاش حول وضع التنظيم، التفاصيل الكثيرة التي سمعت حول حزب الله في صيف 2017 تكشف صورة معقدة، وليست ذات بعد واحد.
من جانب، التنظيم يتمتع بقوة عسكرية غير عادية، خصوصًا أنّه يملك 150 ألف صاروخ أغلبها مزود بـ (GPS) ونظام ضخم من طائرات دون طيار. ومن جانب آخر، ثلث قوات التنظيم ومقاتليه يقاتلون في سوريّة واليمن، بأمر من إيران. كما أنّ الميزانية تقلصت في أعقاب نتائج الانتخابات الإيرانيّة، وحقيقة أنّ الرئيس اللبناني ميشال عون اعتبر حزب الله كجزء من الجيش اللبناني تزيد من شرعية إسرائيل لمهاجمة منظمات الحكم اللبناني في المعركة القادمة.
هذا واتضح أن حزب الله في الـ 2017 يحظى بسيطرة إيرانية بشكل كلي، ويعاني من خسائر فادحة وصعوبات في التجنيد. وبرأي المصادر الإسرائيليّة، لو خرج تنظيم حزب الله لتلك المعركة سيكون ذلك نتيجة لتحليل خاطئ للوضع أوْ تصعيد غير منضبط، ويبدو أنّه خلافًا لموقف إيران التي بنته كقوة ردع ضد مهاجمة مقرات النووي الخاصة بها. فهل قد تستغل إسرائيل التوقيت الإشكالي من وجهة نظر حزب الله من أجل مهاجمة أنظمته الصاروخية؟ هذا سؤال مختلف تمامًا، قال راببورت.
واختتم أنّه نتيجة لإمكانية اندلاع تصعيد لا يرغب به أحد من الأطراف، هناك خطوة إسرائيلية ستخرج للتنفيذ في الأسابيع القادمة: بناء جدار وحاجز جديد متطورين على طول الحدود مع لبنان، وهو الأمر الذي قد يؤدّي إلى تسخين الجبهة مع حزب الله.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية