تل أبيب تخشى من اكتفاء ترامب بهزيمة “الدولة الإسلاميّة” وترك مصير سوريّة لإيران وروسيا
كشفت مصادر سياسيّة رفيعة في تل أبيب النقاب عن أنّ إسرائيل تخشى خشيةً كبيرةً من أنْ تكتفي إدارة الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، بهزيمة تنظيم “داعش” الإرهابيّ، وتترك مصير سوريّة لكلٍّ من روسيا وإيران، ولفتت المصادر عينها، كما أفاد الموقع الالكترونيّ لصحيفة (هآرتس) إلى أنّ رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو أجرى أوّل من أمس، الخميس، محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جرى خلالها تناول آخر مستجدات الأوضاع في سورية.
وتابعت المصادر قائلةً إنّ نتنياهو طرح خلال المحادثة الهاتفية إمكان إقامة منطقة عازلة في جنوب سورية عند منطقة الحدود مع إسرائيل في هضبة الجولان تكون عبارة عن حزامٍ أمنيٍّ منزوع السلاح.
ولفت الموقع الإسرائيليّ إلى أنّ الناطق بلسان الكرملين في موسكو ذكر أنّ نتنياهو هو الذي بادر إلى الاتصال مع بوتين، وأشار إلى أنّ المحادثة بينهما تمحورت حول الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب والتعاون الروسيّ – الإسرائيليّ في هذا المجال، كما تمت مناقشة آخر التطورات في سورية والتسوية المرتقبة في هذا البلد.
وكانت مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة أكدت في وقت سابق أنّ نتنياهو معني بإقامة منطقتين عازلتين عند الحدود بين سورية وإسرائيل في الجولان وعند الحدود بين سورية والأردن وذلك بهدف الحؤول دون إقامة قواعد لإيران وحزب الله في هاتين المنطقتين.
وأشارت المصادر إلى أنّ نتنياهو طرح هذا الأمر خلال المحادثات التي أجراها في الأسابيع الأخيرة مع الإدارة الأمريكيّة ومع جهاتٍ دوليّةٍ أخرى. وادعى نتنياهو في هذه المحادثات أنّ إقامة قواعد لإيران وحزب الله في منطقة الحدود بين سورية وإسرائيل ومنطقة الحدود بين سورية والأردن من شأنها أنْ تزعزع الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وأنْ تشكل تهديدًا أمنيًا سواء على إسرائيل أو على الأردن. وشدّد نتنياهو على أنّ إقامة منطقتين عازلتين ستمنع إيران وحزب الله من الوصول إلى خط الحدود وتصعّب عليهما إمكان المبادرة إلى شنّ هجمات.
علاوة على ذلك، لا تُخفي إسرائيل توجسّها العارم من محاولة إيران إقامة جسر برّي يصلها بالمناطق الواقعة شمال العراق وحتى سوريّة ولبنان، وبهذا تُحقّق طهران موطئ قدم ومنفذ إلى البحر المتوسط عن طريق ميناء اللاذقية. ووفقًا للمصادر الإسرائيليّة، فإنّ هذا الأمر سيُصعّب على إسرائيل الحصول على المعلومات الاستخبارية عن قوافل السلاح، وسيُصعّب عليها عملية تشويش حركتها، مُشدّدّةً على أنّ هذا يشير إلى مناطق تأثير إيران والخريطة الإقليميّة الإستراتيجيّة، ما يمكّنها من إنشاء طرقٍ بديلةٍ لتعزيز قوة حزب الله، بما في ذلك القدرة على إنتاج وتطوير الصواريخ في لبنان.
وبرأي المصادر ذاتها، فإنّ الضغط الأمريكيّ فقط يمكنه منع ذلك، لكن ليس من الواضح ما هو موقف الولايات المتحدة، هذا إذا وُجد موقف أصلًا. كما قالت إنّ تل أبيب تُفضّل بالطبع استمرار واشنطن في لعب دور حاسم في سوريّة، وأنْ تمنع بشكلٍ خاصٍّ الوجود الإيرانيّ أوْ المنظمات التابعة لها ومنها حزب الله قرب الحدود في هضبة الجولان.
مع ذلك، أوضحت المصادر في تل أبيب أنّه ليس واضحًا ما هي الجهود التي يبذلها المستوى السياسيّ والأمنيّ في إسرائيل من أجل التأثير، ولو بشكلٍ غيرُ مباشرٍ، على الخطوات الدبلوماسيّة المتعلّقة بمستقبل سوريّة، والتي تحدث في آنٍ معًا في عدّة أماكن في العالم.
كما أوضحت المصادر أنّ إسرائيل ابتعدت عن المشاركة في المحادثات التي تجري في كازاخستان، وقرّرت عدم المشاركة أيضًا في المحادثات التي تجري بين الأردن والولايات المتحدة وروسيا حول إقامة مناطق أمنية في جنوب سوريّة.
وبحسب المصادر ذاتها، فإنّ هذا الموقف يقوده وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، الذي أكّد ذلك في لقاء له مع المراسلين هذا الأسبوع. وأضافت: صحيح أنّ ليبرمان قال إنّ إسرائيل لن توافق على أيّ اتفاق يُبقي الرئيس السوري بشار الأسد بشكلٍ شرعيٍّ، لكنّه اعتبر أنّ غياب إسرائيل عن النقاشات لن يضرّ بمصالحها الحيوية حين قال: أي اتفاق يناقض مصالحنا لن يكون مُلزمًا لنا، ونحن لن نوافق على تدخل إيران أو حزب الله، على حدّ تعبيره.
وبحسب مُراسل الشؤون السياسيّة في صحيفة (هآرتس)، باراك رافيد، فهناك من يعتقد في المؤسسة العسكريّة والأمنيّة الإسرائيليّة بأنّ موقف ليبرمان من شأنه أنْ يضرّ بمصالح إسرائيل الحيوية، وهؤلاء يستشهدون في هذا السياق بقول عن الشرق الأوسط: إذا لم تشارك في أكل الوجبة فقد تكون أنت الوجبة نفسها.
وأوضحت المصادر أنّ موقف ليبرمان يعتمد على حقيقة أنّه إضافة إلى إسرائيل، فإن ّلإيران الكثير من الأعداء في الشرق الأوسط. ومعظم العالم “العربي السني” يخاف منها ويُعاديها. ونقلت (هآرتس) عم المصادر نفسها قولها إنّ إسرائيل تتحفّظ من أنْ تكون روسيا هي المسؤولة عن مناطق خفض التوتّر في سوريّة.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية