دمشق على نـار

ماذا حدث لدمشق ؟ بل لسوريا كلها كي يمتد فيها الصيف إلى اليوم الذي أكتب فيه هذه الكلمات في أوسط الشهر أيلول “سبتمبر”.

ها نحن ما نزال نعاني من القيظ المحرق و على الأخص في النهار إذ لا تهبط درجة الحرارة في الظل عن الأربعين في معظم الأيام و تزيد عليها أحيانا ، و الغريب أننا نلاحظ في النشرات الجوية المختلفة أن الحرارة هبطت في معظم دول الخليج العربي إلى ما دون الأربعين مع أن دمشق كانت مثل مصيف لكثير من سكان الخليج ينجون فيه من بلادهم الحارة جدا إلى دمشق التي تقع على ارتفاع 700 متر عن سطح البحر ، و أنها محاطة من كل جهاتها تقريبا بالبساتين و الغابات الخضراء و المياه الباردة المتدفقة من نهر بردى عبر فروعه السبع الجارية عبر أحياء المدينة ، مضافا إليها مياه نبع الفيجة الباردة دوما و المتوفرة في الشوراع و الأزقة في حنفياتها المجانية المخصصة للعموم من المارة العطاش كي يشربوا مياهها النقية أو للراغبين في غسل أيديهم ووجوهم أو لتزويد بيوتهم من الماء الصافي الصالح للشرب و الطبخ من خلال مواسير الماء الممتدة من أقصى حي الميدان و الأحياء الأخرى المجاورة حتى حي المهاجرين في سفوح قاسيون ..و ها قد جف مجرى بردى بعد تحول مياهه لخدمة المنازل و المتاجر و المؤسسات المختلفة بعد أن عجزت مياه الفيجة عن تقديم هذه الخدمات بسبب توسع المدينة العمراني و ارتفاع عدد سكانها من 300 ألف في ” الخمسينات” مثلا إلى خمسة ملايين نسمة في السنوات الأخيرة !

يفسر بعضهم أن ظاهرة إرتفاع درجة الحرارة تهدد الأرض بأكملها لأسباب كونية أو صناعية ضخمة و لكن دمشق تعاني كما يعرف الجميع من أسباب إضافية خطيرة مردها إلى أحداث العنف الحربي التي اجتاحت البلاد عامة منذ أكثر من ست سنوات و على الأخص تعرض الغوطة الخضراء بسبب هذه الأحداث القتالية التي أحرقت معظم بساتينها و أشجارها العريقة و حقولها الخضراء بعد أن كانت تساعد إلى حد بالغ التأثير في إمتصاص حرارة الطقس و ترطيب المناخ في أيام الصيف الحارة.

لقد هدأت نسبيا هذه الأحداث في الأيام الأخيرة وراية المصالحة و السلام سوف ترفرف قريبا على الوطن بأكمله كما يقولون و لكن أية مدينة ستكون هي دمشق التي نعرفها و قد جف بردى و اختفت حنفيات الفيجة من الشوارع و احترق الكثير من خضرة الغوطة فماذا سوف يبقى لدمشق كي تكون حقا هي دمشق ؟… دمشق التي يقول المؤرخون أنها أقدم و أجمل مدينة في التاريخ !!…تعالوا جميعا يدا واحدة كي نعيد دمشق العريقة هذه .. ولا بد أن تعود …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى