أثر مشاهدة التلفاز على سلوك الأطفال
استوقفني حادث مؤسف جرى في إحدى الدول العربية قبل عدة أيام وهو عن فتى بعمر الرابعة عشر أقدم على إطلاق النار على والده و بعض الجيران. بسلاح كان موجود في منزله. ذهلت من هول هذا الخبر. فنحن لم نعتد مثل هذه الحوادث في بلادنا العربية. فمثل هذه الحوادث كنا نسمع عنها في دول غربية تنعم بأمان بأن أحد التلاميذ قام بإطلاق النار على زملاءه بالصف أو أساتذته بسبب ما يعانيه من كآبة أو ضغوطات واجهها من أسرته أو تنمر من زملائه. لكن أن نسمع هذا في بلد عربي فهذه من الحوادث الغريبة والتي لم نشهدها من قبل و تثير الدهشة. وهذه الظواهر هي نتائج أشار لها عدد من علماء الإجتماع و النفس. والذين تحدثوا عن أثر مشاهدة التلفاز ودور الاعلام المرئي. بكونه أحد أهم الوسائل التي تؤثر على سلوك الأفراد.
أثر مشاهدة التلفاز على سلوك الأطفال
صحيح أن الدراسات العلمية كانت قد أكدت على أهمية التلفاز وتأثيره على المجتمعات الإنسانية ودوره بربط العالم بعضه ببعض ونشر المعلومات القيمة والأفكار والثقافات ووصوله إلى أماكن بعيدة ، وعوالم جديدة لم يكن الإنسان قد إطلع عليها،
لدرجة أنه قد أفُردت محطات متخصصة بعدة مجالات واختصاصات لنشر المعلومات والأخبار التي تهم جميع أفراد المجتمع، لكنها لم تكن بالتأثير الإيجابي بالشكل الكامل بل كان تأثيرها سلبياً أيضا فهي من ناحية تقدم المعلومات القيمة والهامة، ولكن من ناحية أخرى تسبب نوعاً من الإدمان وتستحوذ بشكل كامل على الأفكار.
فوسائل الإعلام تحتل مرتبة هامة في المجتمع وتخترق مجالات الحياة اليومية بمختلف أنواعها تقريبا، و تحتل جزءاً كبيراً من أوقات فراغ الناس، و لو أن الأمر يختلف من مجتمع إلى آخر أو من فرد لأخر، لكن على العموم، يقضي الناس عدداً معتبراً من الساعات أسبوعياً في مشاهدته وخاصة لمن هم دون سن الرابعة عشر، فقد أصبح التلفاز بالنسبة إلى أكثرهم صديقاً حميماً وموجهاً يومياً اختاروه لأنفسهم بدل اللعب مع أصدقاء حقيقيين حتى أنهم باتوا يقتبسون منه بعض الحركات أو الكلمات أو الأفعال أو الألقاب.
وللأسف في وقتنا الحالي أصبحت غالبية البرامج التي تعرض على شاشات التلفزة تحوي على مشاهد عنف كبيرة . فالعنف لم يعد مقتصراً على أفلام الحركة فقط بل امتد ليصل إلى الرسوم المتحركة والأغاني وبالطبع نشرات الأخبار. التي، بطبيعة الحال، تتناول حال المنطقة و الحروب الدائرة بها. حتى المسلسلات الدرامية التي كانت تجمع أفراد الأسرة اتخذت في الآونة الأخيرة منحى العنف والقتال بطريقة لا تتناسب مع عمر الأطفال. لما تحويه من مشاهد عنيفة و قاسية.
والسؤال المهم ماذا عن الأطفال الصغار الذين يتابعون هذه البرامج وما تأثير ما تبثه هذه الشاشات عليهم ؟
صدمات قد تصيب البعض. وتساؤلات تدور في عقول الآخرين والتي سرعان ما تتحوّل إلى استفهامات على ألسنتهم.. فتلك المشاهد التي يشاهدونها والتي تحتوي على كثير من المؤثرات سواء أكانت بصريّة أم سمعيّة تصوّر إليهم أن من يقوم بالعنف ينتصر في النهاية، ما يؤدّي بالأطفال إلى تقليد هذه المشاهد، لأنهم يعتقدون أن هذا السلوك هو الطبيعي والصحيح الذي عليهم إتباعه في حياتهم وتصرّفاتهم اليومية، والأدهى أنها تجعل من العنف أمرًا طبيعيًا، بحيث يصبح ما يشاهده البعض من مشاهد دمويّة على شاشات التلفاز أمراً عاديًا لا يؤثر فيه مما يؤدي إلى ميلهم نحو العنف وتقليد ما يرونه، خصوصًا فيما يتعلق بمشاهد التعذيب والقتل.
إن مسؤولية تخفيف الأثر النفسي السلبي على الأطفال نتيجة مشاهدة هذه الأحداث الدموية مشتركة، يتقاسمها كل من الأبوين ووسائل الإعلام. ونشدّد على ضرورة أن يكون الأبوان موجودين مع الطفل في فترة مشاهدته لمشاهد العنف، مع التحدّث إليه والشرح عما يدور وتوضيح أن العنف ليس الأسلوب الأمثل لحل الخلافات، ويجدر بالوالدين اختيار وقت معين و مُناسب للسماح لصغيرهما بمشاهدة التلفاز مع الإطلاع المسبق على ما سيشاهده إن كان مناسبا له أم لا.
ووسائل الإعلام تتحمل واجبًا لا يقلّ أهمية عن دور الوالدين في حماية الأطفال من التعرّض للتأثيرات السلبيّة لمشاهد العنف. وذلك بضرورة تنبيه المشاهدين قبل عرض البرنامج بأنه يوجد مشاهد دامية وقاسية لا تُناسب الأطفال. و من لا يستطيعون تحمّل مشاهد العنف.
وينصح بأن ألا نجعل التلفاز وسيلة تسلية وإملاء لوقت فراغ الطفل. بل علينا أن ننوع في هواياتهم المفضلة. كالرياضات المفضلة أوالأنشطة الاجتماعية أو الخروج بنزهات معهم. نظرا لخطورة هذا الامرعليهم كونهم جيل المستقبل الذي علينا الأعتناء به.