هل تدفع روبوتات النقل شركات السيارات إلى الزوال؟
تودع الوالدة الشابة سارة طفليها في سيارة ذاتية القيادة لتنقلهما الى المدرسة. سيارة الأجرة الآلية الكهربائية هذه سهلت حياتها لكنها قلبت مسار شركات تصنيع السيارات رأسا على عقب.
لا تملك سارة سيارة ولا تعتزم شراء واحدة عما قريب. هذه الشابة المقيمة في ضاحية العاصمة الفرنسية خلصت بعد حسابات دقيقة إلى أن الاستعانة بسيارات الأجرة الآلية هذه بواسطة هاتفها المحمول تبعا للحاجة عملي أكثر وأقل كلفة. هذه الرؤية ليست من ضروب الخيال العلمي. فالسيارة الكهربائية الذاتية القيادة والمتصلة بالانترنت تمثل السيناريو الاستشرافي الذي تعد له كل شركات تصنيع السيارات.
ثورة دفعتها إلى التحول لشركات مزودة لخدمات النقل كما أنها تهدد بقاء الجهات التي لن تنجح في اللحاق بالركب في وقت تخوض جهات جديدة ناشطة في مجال التكنولوجيا المغامرة ابرزها “غوغل” و”آبل” و”تيسلا”. وفي الربيع الفائت، أوضحت شركة “دايملر” المصنعة لسيارات “مرسيدس” أنها ستتعاون مع شركة “بوش” لتجهيزات السيارات لتسيير مركباتها الذاتية القيادة اعتبارا من العقد المقبل. وكانت الشركة الألمانية من أولى الجهات التي تهتم بنظام النقل التشاركي مع خدمة “كار تو غو”.
وفي مواجهة تلوث الهواء والاكتظاظ الكبير على الطرقات وبضغط من الصين التي تعمل على صنع مركبات أقل تلويثا، بدأت شركات تصنيع السيارات كافة تخطو خطواتها في هذا المجال. وقدمت “فولكسفاغن” في نهاية 2016 ماركتها “مويا” لخدمات النقل.
وقال رئيس الشركة الألمانية العملاقة ماتياس مولر “حتى لو لم يكن الجميع يملك سيارة في المستقبل، نريد أن يتمكن كل شخص مع مويا في أن يكون زبونا لشركتنا بطريقة أو بأخرى”.
أما منافسته الفرنسية “بي اس ايه” الوريثة لمصانع “بيجو” التي تأسست في مطلع القرن التاسع عشر، فتركز على تطوير “الخدمات” كالنقل التشاركي. وبفضل علامتها التجارية لخدمات النقل “فري تو موف” بدأت عودتها الى الولايات المتحدة في اكتوبر/تشرين الاول.
التكيف او الزوال
وقد تشكل “روبوتات الأجرة” في 2030 ما نسبته 40% من ارباح القطاع بحسب دراسة لشركة رولان بيرجيه التي ترى تراجعا في الطلب على السيارات الخاصة بنسبة تقرب من 30%. ويحذر خبراؤها من أن المصنعين غير القادرين على التكيف يواجهون خطر “الزوال”.
وفي الموازاة، تنفق الشركات العملاقة في مجال تصنيع السيارات المليارات في مجال تصنيع المركبات الكهربائية من دون آفاق ربحية سريعة في ظل التقدم البطيء في الطلب. وأعلنت “فولكسفاغن” أخيرا رغبتها في استثمار أكثر من 34 مليار يورو بحلول سنة 2022 في السيارات المستقبلية.
ولم تصل السيارات الكهربائية الى مرحلة تنافس فيها تلك الحرارية في مجال سهولة الاستخدام في ظل استقلالية حركية محدودة ووقت طويل للشحن.
وكان مصرف “بنك اوف اميريكا ميريل لينش” يشير في تقديراته نهاية اكتوبر/تشرين اول إلى أن السيارات الكهربائية بالكامل التي تتميز بقدرة تنافسية متزايدة، ستستحوذ على 12 % من سوق السيارات العالمية في 2025 على أن ترتفع النسبة إلى 34% في 2030 و9% في 2050.
وفي الانتظار، حققت شركة “رينو” الرائدة في مجال السيارات الكهربائية الموجهة للعموم مع مركبتها الصغيرة “زوي” المطروحة في الأسواق منذ 2012، أقل من 1% من مبيعاتها العالمية عبر المركبات “العديمة الانبعاثات” العام الماضي وهي تعمل على فرضية بلوغ النسبة 5% سنة 2022 بحسب المدير التنفيذي للشركة كارلوس غصن.
ويعول غصن على عروض مقبلة للسيارات “المنخفضة التكلفة” في الصين حيث سجلت سوق السيارات الكهربائية ارتفاعا بنسبة 50% بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/ايلول 2017 إلى 325 الف مركبة (أي 1,6% من اجمالي السوق).
هذا السباق على التكنولوجيا “يفاقم الصعوبة وكلفة تصنيع السيارات” بحسب شركة “بي دبليو سي” الاستشارية في تقريرها الأخير بشأن الاتجاهات المسجلة في سوق السيارات.
وتشير الشركة إلى أن “الكلفة على المصنعين مرتفعة اذ أنها تفوق تكاليف تصنيع الجيل السابق من المركبات بنسبة تصل الى 20%”، متحدثة عن “مشكلات خطيرة” على صعيد العائد الاستثماري.
ويثير تقدم الشركات الآسيوية خصوصا الصينية في مجال البطاريات والمحركات الكهربائية، قلق أعلى المرجعيات السياسية في اوروبا وهو ما أظهرته دعوة المفوضية الأوروبية لتصنيع “ايرباص للبطاريات”، أي مشروع أوروبي مشترك شبيه بذلك القائم في مجال الطيران مع طائرات “ايرباص”.
ميدل ايست أونلاين