العروس
القدس عاصمة أرواح البشر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غولدا مائيرـ رئيسة وزراء إسرائيل بعدحرب تشرين 1973 قالت لمجلة تايم: “السيادة العربية في القدس غير ممكنة. هذه المدينة لن تقسّم لا نصف ولا 60 و 40 ولا 75 و 25. الطريقة الوحيدة التي سنخسر بها القدس هي أن نخوض حرباً ونخسرها. وإن حدث ذلك فلن نخسر جزءاً… بل القدس كلها”.
ولا داعي لتكرار تأكيدات كل المسؤولين الإسرائيليين على أنها عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل.
الغريب في موضوع القدس أنها تعامل كمدينة مقدسة لثلاثة أديان، وطابع القداسة هو أحد مكونات الصراع، وأحد أدواته الدعائية. ولكن، مع ذلك، لا مليار مسلم، ولا مليار مسيحي، جعلت القدس المحتلة نومهم عسيراً، وصباحهم معكراً. في حين وجدنا اليهود، منذ التيه، وهم يقولون في صلواتهم ” لتنساني يميني إن نسيتك يا أورشليم”، وحسب التاريخ أو المزاعم التاريخية، فإنهم امتلكوا القدس بعد أربعة آلاف سنة. واحتلوها كلها في مرحلتين: حرب ال 48 أخذوا قسماً. وفي حرب 1967 أخذوا الكل.
وها هي القدس بعد 60 عاماً من ضياعها كاملة… يحصد اليهود بملايينهم الأربعة (وليس ملياراتهم) نتائج عنادهم في مسألة تقسيم القدس إلى عاصمتين لدولتين.
أنا لا أصدق الدافع الديني في العلاقة مع القدس، لا الإسلامي ولا المسيحي إذا أخذنا القياس على ما جرى للقدس خلال 60 عاماً. يكفي أن نعرف أن المقدسيين لم يساعدهم أحد على البقاء في القدس مادياً… صمدوا بعنادهم وحده. ويكفي أن اليهود طوقوا القدس المستوطنات التي يستحيل إزالتها إلا بحرب، من النوع الذي يلغي آثار حرب.
إن الهبوب العاطفي بسبب اعتراف ترامب يستمر أياماً ويخمد . لأن المليار مسلم والمليار مسيحي لن ينزلوا إلى الشارع، ولأن الآلاف هنا وهناك ، في احتجاجات هذه الايام ،لا تساوي حتى قنبلة صوتية. والقدس ستبقى تحت الاحتلال.
الغريب ايضا أن القدس في الوجدان الإنساني قضية مبالغ بها. وتستطيع إحراج عدد عشوائي من الناس بسؤالهم عن أية معلومة عن القدس.سنفاجأ بفداحة الاميه المعرفية حول القدس، وأظن أن كل القصائد التي كتبت عن القدس خلال أعوام احتلالها… ستكون بلا أحفاد مهمين فنياً وسياسياً وتعبوياً. مما يعني تراجع الانفعال بالأرض والمدن المحتلة… تراجعاً لا يذهب إلى خيار تعزيز المقاومة، وانما إلى تحسين شرط المساومة. إن حصة العرب من فلسطين (حسب التسوية المقترحة: ضفة وغزة هي 18%) ومن القدس أقل من 11%.
منذ احتلال القدس عام 67 إلى اليوم صرف العرب على الأسلحة والحروب ما يكفي لتحرير الكرة الأرضية. ولكنهم لم يدفعوا للقدس ما يجعلها قادرة على البقاء في صالة انتظار الحل الذي ينتظره الجميع دون أمل. واليوم نعيش تكاثر فادح للاسباب التي تمزق العرب ولا توحدهم على تعريف جنس الملائكة .
اليوم…استمعت إلى كل القصائد المعروفة (في/ وعن القدس) وقرأت ردود أفعال العرب حكاماً ومحكومين… فلم أجد سوى التحريض في الشعر والعجز في الشعور .
القدس عروس العروبة…؟ ما هذه الغنيمة المجازية؟
يجب تحويل مدينة محتلة إلى عروس مغتصبة، حتى تثار نخوة العرب؟
وهكذا
وهكذا…!
القدس ستبقى يتيمة العرب ،اكثر مما هي ضحية اسرائيل .