الجيش يتقدّم في ريف حماه الشمالي
تتصاعد وتيرة المعارك في ريفي حماه وإدلب، بالتوازي مع تجديد موسكو دعمها للعمليات العسكرية ضد «جبهة النصرة» هناك، وتوقعاتها بهزيمة الجماعة خلال العام المقبل
بينما يستعد عناصر الفصائل المسلحة في منطقة بيت جن ومحيطها لإخلاء مواقعهم نحو ريفي إدلب ودرعا، بعد إنجاز اتفاق تحت ضغط العمليات العسكرية، يتابع الجيش عملياته في ريف حماه الشمالي، ضمن مساعيه للتقدم نحو ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
ومع تعزيزه لحملة الاستهدافات الجوية والمدفعية لغالبية القرى المحاذية لخط المعارك بين ريفي حماه وإدلب، سيطر على قرية أم حارتين، التابعة لحماه، والتي تقع على بعد كيلومترات قليلة من بلدة عطشان، التي تعد بوابة للتقدم نحو ناحية التمانعة في ريف إدلب. ويأتي تحرك الجيش، في مقابل انخراط أكبر للفصائل المسلحة العاملة في إدلب، إلى جانب «هيئة تحرير الشام» ضمن المعارك، حيث شهدت غالبية محاور القتال في الريف الحموي، مشاركة نشطة من فصائل «الجيش الحر» و«حركة أحرار الشام»، وغيرهما.
وفي مقابل ما يجري على الأرض، خرجت موسكو ، بمواقف لافتة، تتقاطع مع توجه دمشق الأخير، بشأن طبيعة العمليات العسكرية المرتقبة. الموقف الأول خرج عن وزير الخارجية سيرغي لافروف، خلال لقائه رئيس «تيار الغد السوري» المعارض، أحمد الجربا، إذ أكد أن الهدف الرئيس لعملية مكافحة الإرهاب في سوريا، هو هزيمة «جبهة النصرة». ويتسق هذا التصريح مع مخرجات اتفاقات محادثات أستانا، التي حاولت تركيا تحييدها لحساب حلّ يفضي إلى إزاحة «النصرة» عن الواجهة، من الناحية التنظيمية، لحساب «إدارة مدنية» في إدلب ومحيطها. وقال لافروف، إن «الجيش السوري وحلفاءه يعملون على طرد (جبهة النصرة) إلى خارج بلادهم بدعمنا… لكنهم (النصرة) ما زالوا يقاومون، وعلى وجه الخصوص لكونهم تلقوا مساعدات من الخارج». الموقف الروسي يعطي زخماً أكبر للعمليات على الأرض، خاصة أنه أتى بالتزامن، من وزير الخارجية، كما من رئيس هيئة الأركان العامة، فاليري غيراسيموف، الذي شدّد على أن القضاء على «جبهة النصرة وشركائها» سيتم خلال عام 2018 المقبل.
وأوضح في مقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية، أن «بعض أعضاء هذه المنظمة الإرهابية يعملون فى مناطق تخفيف التصعيد... وجبهة النصرة تعارض بشدة وقف إطلاق النار، ولذلك يجب القضاء عليها». وأضاف أن «هناك تعاوناً وثيقاً مع القوات الحكومية، ويرتبط مستشارونا بجميع الوحدات (العسكرية) تقريباً… هم يخططون لعمليات قتالية ويساعدون على قيادة تلك الوحدات ويقومون بمهماتهم القتالية»، موضحاً أن عمل هؤلاء المستشارين هو أحد الأسباب وراء الحفاظ على القواعد العسكرية في طرطوس وحميميم، إلى جانب «حماية مصالح روسيا الخاصة فى الشرق الأوسط».
التأكيد الروسي لأهمية العمليات ضد «جبهة النصرة» ترافق باتهامات متجددة للقوات الأميركية العاملة في سوريا، بالسماح بنشاط «داعش» ضمن مناطق نفوذها. إذ قال غيراسيموف إن عناصر من التنظيم يخضعون للتدريب في قاعدة التنف العسكرية الأميركية، قرب الحدود العراقية والأردنية، مشيراً إلى معسكر تدريب يرعاه «التحالف الدولي» في منطقة الشدادي في ريف الحسكة، ويضم «مسلحين هم في الواقع أعضاء في داعش، لكن جماعاتهم تحمل أسماء مختلفة». ولفت إلى أن وزارة الدفاع الأميركية «فشلت حتى الآن» فى تقديم تفسير لإبقاء وجودها العسكري في قاعدة التنف بعد هزيمة «داعش».
في المقابل، جدد «التحالف» عبر بيان رسمي، تأكيده أنه يحارب «داعش» انطلاقاً من التنف، وأوضح أنه بالتعاون مع «مغاوير الثورة» هاجموا «كهوفاً يستخدمها داعش، في جنوب شرقي سوريا»، من دون أن يحدد المنطقة بالتحديد. وفي حصيلة جديدة أصدرها «التحالف» لعدد مقاتلي «داعش» في كل من سوريا والعراق، قال إنه لم يبقَ سوى أقل من ألف من عناصر التنظيم، وهو ثلث العدد التقديري لهم (وفق التحالف) قبل أقل من ثلاثة أسابيع فقط. ومن دون أن يوضح أين قتل ما يزيد على ألفي عنصر من التنظيم خلال هذه المدة القصيرة، اعتبر «التحالف» في بريد إلكتروني لوكالة «رويترز»، أن ذلك مرده إلى «التزام التحالف والكفاءة التي أثبتها شركاؤنا في العراق وسوريا»، مضيفاً أن هذا الرقم لا يشمل مناطق في غرب سوريا تحت سيطرة الحكومة السورية.
ومع تطور العمليات في منطقة إدلب ومحيطها، عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتصعيد خطابه ضد نظيره السوري بشار الأسد. وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، في تونس، إنه «لا يمكن أبداً مواصلة الطريق مع بشار الأسد في سوريا. لماذا؟ لأنه لا يمكن المضي مع شخص قتل قرابة مليون مواطن من شعبه…
أقولها بصراحة تامة، الأسد إرهابي، مارس إرهاب الدولة»، مضيفاً أن الاستقرار «لا يمكن أن يتحقق مع وجود الأسد». وبينما لفت إلى أن «الشمال السوري سُلِّم للإرهابيين على شكل حزام»، قال إن «القرارات التي ستصدر من (أستانا وجنيف)، يجب أن تمنح الشعب السوري حق اتخاذ قراره بشأن مستقبله». واستجلب التصعيد التركي، رداً من وزارة الخارجية السورية، إذ اعتبر مصدر رسمي في الوزارة أن أردوغان «يتحمل المسؤولية الأساسية في سفك الدم السوري وما عدوانه ودخول قواته إلى الأراضي السورية إلا أحدى صور هذا الدعم للإرهاب التكفيري وتأكيد لأطماعه التوسعية». وأضاف أن «جنون العظمة وأوهام الماضي التي تسكن داخل أردوغان جعلته ينسى أن إمبراطوريته البالية قد اندثرت إلى غير رجعة».
صحيفة الاخبار اللبنانية