أهم الإنجازات العلمية في 2017
يبدو العام 2017 كأنه كان خطوة نحو مستقبل من الخيال العلمي، إذ شملت إنجازاته تجديد الخلايا وإتاحة نموها في أنسجة الجسم مجدداً، ومحاربة الأمراض الوراثيّة عبر تقنيّات لإعادة برمجة مسار الجينات الحيّة، وصنع صواريخ فضاء قابلة لإعادة الاستعمال.
التدخل جينياً على جنين بشري
> للمرّة الأولى، استخدم باحثون أميركيون تقنيّة «كرسبر» CRISPR (اكتُشِفَت في 2015، وتمكّن من «قص ولصق» الجينات) للتدخل على التركيب الوراثي لجنين في رحم أمه، بهدف استبدال جين مختل يساهم في التسبّب بمرضٍ في القلب.
وأثبت التدخل القدرة على علاج الأمراض الوراثيّة في الأجنة، لكنه ساهم في زيادة حدّة النقاش العلمي والأخلاقي والقانوني في تقنيّات التلاعب في التركيب الجيني. فقد شدّدت «الأكاديمية الوطنيّة للعلوم» و «الأكاديميّة الوطنيّة للطب» الأميركيتان على عدم استخدام تقنية «كرسبر» إلاّ لمعالجة الأمراض الجينية الأشد خطورة.
تحويل الهيدروجين إلى معدن
> استطاع علماء من «جامعة هارفرد» تحويل غاز الهيدروجين ليصبح معدناً. وفي سابقة علميّة سبقتها بحوث استمرت قرناً، جرى تعريض سائل من الهيدروجين إلى ضغط شديد يقارب خمسة ملايين ضعف الضغط الجوي. وفي حالته المعدنيّة، يكون الهيدروجين موصلاً فائقاً للكهرباء، ما يساهم في زيادة القدرة على تخزين الطاقة، ورفع كفاءة الصواريخ في رحلات الفضاء، وتسريع عمل الحواسيب الخارقة، وتنشيط سكك الدفع المغناطيسي للقطارات وغيرها.
ويتكوّن الهيدروجين المعدني طبيعيّاً داخل النجوم الكبيرة نتيجة ضغط كتلتها الهائلة، مع التذكير بأن كل نجمة هي شمس، ويصل حجم بعضها إلى ما يفوق شمسنا بما لا يحصى من المرّات.
ووفق بروفسور الفيزياء إسحق سيلفيرا الذي قاد فريق تحويل الهيدروجين معدناً، توجب الأمر كميّات هائلة من الطاقة مع الإشارة إلى أن عملية «تفكيكه» ذرّات تقود إلى إطلاق تلك الكميّات مجدداً، ما يجعله وقود الدفع الأقوى والأكثر استدامة لصواريخ استكشاف الفضاء.
استيلاد أنسجة بشرية في حيوانات
> طوّر باحثون في معهد «سالك» في كاليفورنيا عمليات لزراعة أعضاء بشرية داخل أجنّة حيوانات.
وكذلك يعمل معهد «وايك فورست للطب التجددي» حالياً على مشاريع زراعة أو استيلاد أنسجة بشريّة في أطباق المختبر، على أمل استخدامها مستقبلاً في ترميم أعصاب متضرّرة، بل حتى استيلاد بدائل كاملة للأطراف البشريّة. ويعمّق ذلك النوع من البحوث دراسة الأمراض وسبل معالجتها.
معدن يسحب المياه من الهواء
> ابتكر باحثون أميركيون من «معهد ماساشوستس للتقنية» و «جامعة بيركلي» جهازاً لسحب المياه الصالحة للشرب من هواء جاف لا تتعدى نسبة الرطوبة فيه 20 في المئة. ويعمل بالطاقة الشمسيّة، ويستخدم إطاراً معدنياً عضويّاً أساسه مادة «زركونيوم» لامتصاص بخار الماء من الهواء بشكل فعّال. ويعتقد الباحثون أن جهازهم يكون مفيداً جداً في مناطق شحّ المياه كالصحارى.
موجات الجاذبية تحْرِز جائزة نوبل
> التُقِطَت موجات الجاذبيّة في 2016، حين تمكن فريق يقوده ثلاثة فيزيائيين أميركيّين من التقاط موجات جاذبية صادرة عن اصطدام ثقبين أسودين على بعد بلايين السنوات الضوئية من الأرض. وشكّل ذلك إثباتاً لنظرية العالِم آلبرت آينشتاين في النسبيّة (1916) التي تضمنت القول بوجود موجات الجاذبيّة، تسري عبر «قماشة» الكون في الزمن والمكان. وفي 2017، حدّد علماء الجاذبية الثلاثة مجدداً بفضل ثلاثة أجهزة رصد مختصة منشأة في أماكن متباعدة على الأرض، مصدر انبثاق موجات الجاذبية. وأحرزوا «جائزة نوبل» للفيزياء.
كوكب آخر مرشح لاستضافة حياة أرضيّة
> نجح علماء في «المنظمة الأوروبية للبحوث الفلكيّة» في رصد كوكب سيّار خارج المنظومة الشمسيّة، اعتبروه المرشح الأفضل لاستضافة الحياة بشروطها الموجودة على كوكب الأرض.
وعثر على الكوكب في منطقة آمنة تقبل الأشكال الحيّة، قرب نجمٍ صغير من فصيلة «القزم الأحمر» يبعد قرابة 11 سنة ضوئية من الأرض، وسُمّي «ميت روس-128- بي»، تيمّناً بالنجم الذي يدور حوله «ميت روس- 128».
وتبلغ كتلته 1.5 أضعاف ما تملكه الأرض. ويحلّ ثانياً في قائمة الكواكب السيّارة المكتشفة في الكون، في القرب من الأرض، بعد «بروكسيما- بي»، الكوكب الصخري الجاف الذي يدور حول نجم «بروكسيما سنتوري» الذي يبعد عن الأرض مجرد 4 سنوات ضوئيّة!
وأوضح العالِم كزافييه بونفيس الذي يعمل في «المعهد الفلكي» في مدينة «غرينوبل الفرنسيّة، أنّ النجم «ميت روس-128» هو من أكثر النجوم الحمراء هدوءًا، ما يسمح باستنتاج أنّ الكوكب المكتشف في المنطقة القابلة لنشوء الحياة قرب النجم، يكون بارداً بما يتيح وجود الماء في حاله السائلة.
ويبلغ عدد الكواكب السيّارة المكتشفة في الكون (خارج نظامنا الشمسي) 3693 كوكباً، تتوزع على 2768 نظاماً شمسيّاً، وأبعدها عنّا يقع على مسافة 13 ألف سنة ضوئيّة.
روبوتات «غوغل»: مزيد من الذكاء الاصطناعي
> أصدر فرع غوغل للذكاء الاصطناعي (يعرف باسم «ديب مايند» Deep Mind) ورقة بحثيّة تحدثت عن مستوى الذكاء الاصطناعي المتقدم الذي تبرمج به روبوتاتها التجريبيّة. إذ برمجت حركة أحد الروبوتات كي تشغّل مجموعة منسجمة من المجسّات والنوابض والمحركات الكهربائية الصغيرة.
وبذا، استطاع الروبوت تحليل مهماته أثناء المشي أو الركض، بسرعة كافية لتفادي العراقيل والقفز فوقها والاستدارة، وصولاً إلى أداء حركاتٍ بهلوانية تتطلب مهارة حركيّة عالية.
وبُرمج كومبيوتر الروبوت للتعرّف إلى الأشياء واحتساب أبعادها بسرعة فائقة، ما يمكّنه من تجنّب الاصطدام بها أثناء تحرّكاته.
في منحى أقل إيجابيّة، تعتزم «غوغل» إدخال ذلك النمط من الذكاء الاصطناعي في الطائرات الصغيرة من دون طيّار («درون» Drone). وبفضله تتعرّف إلى الوجوه أثناء طيرانها، ما يسهّل تكليفها عمليات اغتيال لأفراد.
ولذا، يدعو ستيــورت راسل، البــــروفــسور في علوم الكومبيوتر في «جامعة بيركلي»، إلى وقف تطور ذلك الذكاء تجنـباً لخــطره الواضح مستقبلاً.
رحم اصطناعي
> عمل أطباء في مستشفى للأطفال وحديثي الولادة في ولاية فيلادلفيا على احتضان أجنة نعاج عمرها 23 أسبوعاً داخل رحمٍ «بلاستيكي» في محاولة لمحاكاة الرحم الطبيعي للمرأة. وانصب عملهم على الحدّ من فقدان الأجنّة التي تولد قبل 37 أسبوعاً من الحمل.
وجرت التجربة داخل كيس بيولوجي (بيوباغ) جرت تعبئته بسوائل تماثل ما يوجد في رحم الحامل، وجهّز بطريقة تحافظ على الحرارة والضغط الطبيعيَّين كما في الأرحام.
أخذت أجنة ثمانية نعاج بعمر 23 أسبوعاً وأُدخلت إلى الأرحام التجريبية لمدة أربعة أسابيع. وخلال تلك المدّة، راقب الأطباء نمو شعرها وتطور رئتيها وصولاً إلى العمر الذي يسمح ببقائها حيّة خارج الرحم.
وإذ نجحت التجربة، عاشت النعاج الثمانية. وبرهن ذلك على إمكان تقليد شروط الحياة في الأرحام، وإنقاذ الأجنة المهدّدة بالإجهاض المبكر، سواء لخللٍ ما في الرحم أو بسبب الحوادث أم سواها.
صحيفة الحياة اللندنية