وعد الرئيس…والرئيس الوعد
” من يمسك المحراث… لا يلتفت إلى الخلف”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ 1 ـ
بعد استقلال سورية بجلاء الفرنسيين عام 1946، كان السوريون يحتفلون ،كل عام ، بذكرى الجلاء 17 نيسان/ إبريل. كان يقام الاحتفال على مستوى الناحية والمنطقة والمحافظة والعاصمة.
في إحدى الاحتفالات، أعجب الضابط، مدير الناحية، بخطاب لامع ألقاه مدير المدرسة، فأثنى عليه، وعلى لغته وبراعته، وقال له في لغة شعبية كان يحبها الضابط:” إنك لبارع وخطيب مفوّه. والله إن ضرط الزمان وصرت رئيس الجهورية لأعيّنك وزيراً للمعارف”.
مضت السنوات، وقام الضابط بانقلاب، وأصبح رئيساً. فتذكر مدير المدرسة وعد الضابط له في تلك الحفلة، فأرسل برقية مختصرة له : “ضرط الزمان فعينونا كما وعدتمونا”.
وعند استلام الرئيس للبرقية قام فوراً بتعديل وزاري، وعين السيد “رئيف الملقي” وزيراً للمعارف!
هذا الرئيس …هو العقيد أديب الشيشكلي.
ـ 2 ـ
أول مرة يقوم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بأداء فريضة الحج. وفي مناسك الحج، كما تعلمون رمي الجمار السبعة، وهي رجم الشيطان.
عندما وصل الرئيس إلى هذا المنسك رمى ستة أحجار واحتفظ بالسابع في يده. فنبهه مرافقوه أن الجمار سبعة. قال: أعلم، ولكنني احتفظت بواحدة احتياطاً أن يكون إبليس، في قضية آدم، على حق!
هذه القصة تشبه النكتة السياسية تدليلاً على دهاء ياسرعرفات. والطريف فيها أن الطرفين من كل صنف يروونها بتلذذ:
أعداؤه، وأصدقاؤه. الملحدون والمتدينون.
ـ 3 ـ
مئة عام على ميلاد الرئيس جمال عبد الناصر. مالىء الدنيا وشاغل السياسات. “زعيم” النهضة ومسؤول “النكسة”… بما له وعليه تثير ذكراه مقارنات الواقع الحالي بالماضي البعيد. فنتحسر ليس على انتصار واحد، كان هو ونحن نشتهيه ونحلم به، ولم يحدث… وإنما على عصر ملأه الرجل بالآمال التي حشدت أغرب حشد في العالم حشد يدعو المهزوم (حرب حزيران) إلى البقاء في السلطة لكي يكمل المشوار باتجاه النصر المأمول.ومات عبدالناصر وفي قلبه حسرة الانتصار على اسرائيل .
موت عبد الناصر كان عيداً عند إسرائيل… وهنا بعض ردود الفعل السريعة على موته:
ـ ديفيد بن غوريون: كان لليهود عدوان تاريخيان هما فرعون مصر في القديم وهتلر في الحديث.
وكان عبد الناصر الاثنين معاً. لم تستطع الحروب ان تخلصنا منه، بل… الموت.
ـ مناحيم بيغن: نهاية عبد الناصر هي البداية المشرقة لإسرائيل.
ـ موشيه دايان: مشكلتنا مع عبد الناصر أنه شخص بلا رذائل. لا يمكن شراؤه أو رشوته وغير قابل للفساد. ولا تجدي الحرب النفسية ضده.
ـ دوايت إيزنهاور: الخسارة الحقيقية أن عبد الناصر ليس في صفنا… بينما نجد في صفنا كتلة ضخمة من اللحم اسمها “سعود بن عبد العزيز”.
في زيارتها الاخيرة لابنها الشاعر احمد فؤاد نجم في السجن ، أبلغته وهي تبكي أن عبد الناصر مات .
فقال لها : ياوليّه…تبكي على سجّان ابنك؟فصرخت في وجهه : اتهدّ عمود البيت يا حمار.
بعد خروجه من السجن ، كتب احمد فؤاد نجم واحدة من أهم قصائد الرثاء في تاريخ الموت .