بين الاندماج والانكماش !!

بعد ان أصبح أكثر من نصف السوريين .. منتشرين في اصقاع الأرض .. على حدود البلدان اللصيقة منها العدوة ومنها الصديقة … وبين الشرق والغرب .. و والهند والسند .. حتى بعضهم وصل القطب الشمالي والجنوبي وأتراتيكا !!!

تراهم على وسائل التواصل الاجتماعي ينوحون وينعون ويشكون .. وبعضهم يهللون ويصفقون .. ليبقى السؤال الأهم !! هل هم منكمشون أم مندمجون ؟؟؟؟

فما الفرق بين الانكماش والاندماج؟

فالانكماش هو التقوقع على الذات والعيش على الماضي والذكريات .. ورفض المجتمع الجديد ووضعه تحت المجهر ، ونقده وانتقاده ، والاكتفاء برؤية سيئاته وسلبياته .. وهذا طبيعي الى حد ما .

يحصل مع كل وافد جديد خاصة بظروف الحرب والتهجير والتعتير .. فقبل السفر يكون الحلم كبيرا ، والمستقبل واعدا .. وبعد الوصول يتحول الحلم الى واقع مرفوض وغير مقبول .. بسبب اختلاف الثقافة وطبيعة المجتمع ونوعية الحياة .. وتلعب الذاكرة لعبتها القذرة بالانتقاء .. فلا يراودك من تاريخك القديم الا كل ذكر جميل .. ولحظات حلوة .. وناس وأصدقاء طيبين .. وتنسى ملاحظاتك وانتقاداتك وكيف كانت معاناتك .

وتبدأ العاطفة تدعوك الى رفض هذا الواقع ، والعودة الى الزمن الماضي والذي تحول بفعل فاعل الى زمن رائع جميل … وبالتالي يرفض القلب التأقلم ويقاوم الانسجام ، وتبدأ حالة الضياع بين العيش على أمجاد الماضي ، وضرورة تقبل الواقع والانطلاق من جديد ..

هذا حال أغلب المهاجرين والمهجرين .. ومعاناتهم في مجتمعهم الجديد ..

ولكن بالمقابل ليس مطلوبا نكران الماضي والتاريخ والذوبان في المجتمع الجديد ..

فمن الغنى والتنوع ان يحترم الانسان اصوله وتاريخه وجذوره .. ويحافظ على خصوصيته وهويته .. وينفتح على المجتمع الجديد والثقافة الجديدة .. يستفيد منها ويفيدها .. يتعلم لغتها ، يقرأ ثقافتها ، يتعامل مع ناسها .. ويحترم خصوصيتها واختلافها ..

ويدرك تماما أن لا حياة كاملة ، ولا مدينة فاضلة ، ولكن تقبل الواقع الجديد واحترام الاختلاف والحفاظ على التميز والخصوصية والهوية ..عدم التقوقع .. ولا محاولة الذوبان .. إنما الانفتاح الحقيقي على الثقافة والمجتمع الجديد ، كلها عوامل تحقق الاستقرار والراحة ، هي تجربة حياة جديدة وفرصة هامة ، يجب أن تكون غنية ومفيدة ليستطيع الانسان ان ينمو ويتعلم ويستفيد ..

فالمطلوب هو مجرد تقبل للواقع الجديد ، ومحاولة حقيقية لاستثمار هذه الفرصة ليتمكن السوري أينما كان من الانطلاق من جديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى