البكاء على الأطلال
ما يدهشني ويؤلمني ليس فقط قساوة الصدامات البشرية في كوكبنا هنا وهناك وإنما هي الصراعات الفكرية و المذهبية التي لدى المسلمين وإن لا فما هو هذا الخلاف الذي حال إلى نزاع تاريخي يقطر دما و رعبا منذ أكثر من ألف عام بين السنّة و الشيعة؟ !
السنّة تأخذ على الشيعة دعواهم أنهم أحق المسلمين بالخلافة لأنهم ينتمون أهلا وولاء إلى أسرة الرسول محمد بن عبد الله ﷺوهو إدعاء في رأيهم مخالف للتعاليم الإسلامية التي تدعو إليها الأية الكريمة 🙁 إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) أي ليست القرابة هي الأفضل و إنما التقوى .
والشيعة تأخذ على السنة أنهم ليسوا الأفضل في التقوى من أهل البيت و بهذا المعنى تكون السنة قد إغتصبت الخلاقة إغتصابا ، كما ساد في زمانها الفساد والإنحطاط الأخلاقي و تميز نظامها الحاكم بالإستبداد .
صحيح أن الدولة الإسلامية سيطرت على مساحات شاسعة من الأرض وتحولت إلى إمبراطورية قوية، إلا أنها لم تستطع الحفاظ على مستواها من السيطرة والتماسك أكثر من ثلاثة قرون ونيف وبدأ منذ القرن الرابع الهجري إنحطاطها إلى أن فقدت الكثيرمن سلطانها حين تحولت إلى إمارات متنازعة، ومع ذلك فقد ظل الخلاف بين السنة والشيعة يزداد هولاً وعمقاً مما سهل عمليات الغزو الأجنبي ونجاحها في إذلال وإضعاف الإمارات الإسلامية و ها نحن الأن نشهد هذا الصراع يشتعل و يمتد ويغدو أفدح فأفدح في غلبة الأجانب في إستعمارهم الحديث وبالتالي صارالإسلام يوما بعد يوم رمزا للقسوة والتخلف والجهالة والإرهاب حين نشأت منظمات إرهابية كبيرة إسلامية مثل طالبان وداعش وغيرها مما جرعلى الإسلام الكثير من السمعة الرديئة الوحشية في العالم أجمع، وزاد في صعوبة إنقاذ الدين الإسلامي نفسه من أوحال التخلف والفساد و التبعثر أحزابا و جماعات ضائعة في مواجهة الحضارة الغربية المتقدمة بإستمرار .
الآن .. و ليس في الغد هو الوقت الذي يجب فيه على أهل السنّة والشيعة معا أن يتجاوزا خلافاتهم المذهبية ويضموا صفوفهم بعضها إلى بعض تحت راية إسلام واحد و إذا لم يفهم الطرفان هذه الحقيقة الموجعة سوف يتم القضاء على الطرفين معا حين لا يبقى في الساحة إلا أطلال الإسلام … ولا يبقى للمسلمين من وجود إلا الوقوف على أطلال حضارتهم البائدة كي يبكوا عليها طويلا …