مصر تواجه أزمة في الاقتراض من الأسواق الدولية
بعدما أشاحت مصر بوجهها عن الأسواق المالية الدولية، ربما تجد نفسها مضطرة للجوء إليها تحت ضغط احتياجاتها التمويلية الكبيرة، في الوقت الذي تدفع فيه اضطرابات بالأسواق أسعار الفائدة للصعود، وهو ما ينذر بتقويض طموحات القاهرة في تقليص عجز الميزانية. وتواجه مصر، التي تقترض بكثافة من الخارج منذ اتفقت على برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي في 2016، التزامات أجنبية صعبة مستحقة السداد على مدى العامين القادمين، إضافة إلى ارتفاع فاتورة وارداتها النفطية.
صحيح أن الإقبال على ديون الأسواق الناشئة أخذ يتراجع بالفعل، إلا أنه ازداد تراجعا في أعقاب أزمات العملة في تركيا والأرجنتين في أغسطس آب، والتي حفزت بدورها نزوحا للمستثمرين الأجانب من مصر يتعين عليها سداد التزاماتهم أيضا. وقال وزير المالية المصري محمد معيط إن مصر تتطلع لبيع سندات دولية بنحو خمسة مليارات دولار، ربما في الربع الأول من 2019. لكنه أعلن الشهر الماضي عن بدء لقاءات مع المستثمرين الأسبوع القادم للترويج للسندات في آسيا وأوروبا.
ويبدو أن الحكومة تنتظر على أمل أن تنحسر الاضطرابات في الأسواق الناشئة. وقال مصرفي من القاهرة يتتبع أدوات الدخل الثابت طالبا عدم ذكر اسمه “يبدو أن احتياجاتهم التمويلية باتت ملحة (الآن) بالنظر إلى مدى سعيهم للاستفادة من السوق في ظل الأوضاع الحالية غير المواتية”. وقال معيط إن الاكتتاب في السندات الدولية سيبدأ “عندما نرى الوقت مناسبا”.
السندات الدولية “مهمة“
تهدف مصر إلى خفض عجز الميزانية إلى 8.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الحالية التي تنتهي في يونيو حزيران 2019، من 9.89 في المئة في السنة المالية السابقة. لكن ذلك يشير ضمنا إلى تمويل جديد يزيد على 20 مليار دولار.
وربما يتم جمع جزء كبير من هذا التمويل بالجنيه المصري، لكن ستظل هناك متطلبات كبيرة بالعملة الأجنبية.
وقال محلل لدى بنك في لندن “السندات الدولية مهمة فهي أقل تكلفة من الاقتراض بالجنيه المصري. لكن من ناحية أخرى، فإنك تلزم نفسك بعبء دين مكلف لخمس سنوات”.
تكاليف النفط تضغط على مصر
ويبلغ العائد حاليا على سندات دولية مصرية متوسطة الأجل تستحق في فبراير شباط 2023 نحو 6.29 في المئة في السوق الثانوية. ويقول محللون إن هذا هو الحد الأدنى المرجح الذي يمكن أن تتوقعه الحكومة.
وقال مارشال ستوكر مدير المحافظ لأصول الأسواق الناشئة لدى إيتون فانس، ومقرها بوسطن، إن الشهية ستعتمد على ما سيحدث في فئة الأصول عموما.
وتابع “التطورات الأخيرة تشعرنا بالارتياح… حيث أقرت الحكومة بأن البيئة الخارجية تزداد صعوبة، وبأنها بحاجة للالتزام بسياستها الخاصة بالإصلاح وربما تسرع بعضا من أهدافها”.
وقال معيط إن من المنتظر أن تتلقى مصر تمويلا خارجيا إضافيا بنحو أربعة مليارات دولار في ديسمبر كانون الأول، ويشمل ذلك ملياري دولار من صندوق النقد الدولي. وتلقت مصر أيضا نصف مليار دولار من البنك العربي الأفريقي الدولي، ومن المتوقع أن تحصل على نفس المبلغ من فرنسا وألمانيا.
ويجب على الحكومة أيضا أن تسدد للأجانب الذين يتخارجون من سوق الأوراق المالية المحلية، وأن تمدد أيضا أجل الديون القائمة بالفعل.
وقال البنك المركزي المصري الاثنين إن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في السنة المالية 2017-2018 التي انتهت في 30 يونيو حزيران تراجع إلى 7.7 مليار دولار من 7.9 مليار دولار في السنة السابقة، بينما انخفض صافي استثمارات محفظة الأوراق المالية إلى 12.1 مليار دولار من 16 مليارا.
وفي يوليو تموز، قالت الحكومة إن حيازات الأجانب من أدوات الخزانة المصرية هبطت إلى 17.5 مليار دولار في نهاية يونيو حزيران من 23.1 مليار دولار قبل ذلك بثلاثة أشهر. ويرجح بعض المتعاملين نزوح المزيد من الدولارات منذ ذلك الحين.
ولدى مصر التزامات بنحو 24 مليار دولار تستحق السداد على مدى العامين القادمين، بحسب بيانات البنك المركزي، لكن المحللين يقولون إن جزءا كبيرا من هذا الدين يتألف من قروض منخفضة التكلفة من دول خليجية من شبه المؤكد أنها ستمدد أجله.
ميدل إيست أونلاين