دراسة جديدة: مُحاولة إسرائيل القضاء على تهديد صواريخ حزب الله ليست حربًا صغيرةً وحرب لبنان 2006 لا تُذكر خيرًا وجولات غزّة لم تنتهِ بحسمٍ من جيش الاحتلال

 

تناول البروفيسور افرايم عنبار، رئيس مركز (أورشليم) للدراسات الإستراتيجيّة في دراسةٍ حديثةٍ التحدّيات التي تُواجِه رئيس الأركان الإسرائيليّ الجديد، الجنرال أفيف كوخافي، مُشدّدًا على أنّ الدور الأهّم لكلّ رئيس أركان هو إعداد الجيش للحرب القادِمة، وعليه فواجب على الجيش الإسرائيليّ والقيادة السياسية التفكير جيّدًا عن أيّ نوعٍ من الحرب يدور الحديث، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّه منذ 1982، لم يخُض الجيش الإسرائيليّ حربًا تقليديّةً واسعة النطاق ضدّ خصم مُسلّح بالدبابات والطائرات، ولكنّه حارب حروبًا صغيرةً، على حدّ قوله.

ورأى أنّ معظم الاحتمالات أنْ يتواصل هذا الميل في ظلّ غياب خصوم ذوي جيوشٍ تقليديّةٍ كبيرةٍ، إضافةً إلى ذلك هناك حاجة إلى تحسين الرسم البيانيّ لنجاحات الجيش الإسرائيليّ في الحروب الصغيرة، فحرب لبنان الثانية في 2006 لا تُذكر خيرًا، وجزء من الجولات في غزة هي أيضًا لم تنتهِ بحسمٍ إسرائيليٍّ واضحٍ.

وتابع قائلاً إنّه للحقيقة، إسرائيل ملزمة للاستعداد أيضًا لحربٍ كبيرةٍ، مُوضحًا في الوقت عينه أنّ مواجهة عسكرية ضدّ حزب الله في لبنان هي سيناريو ذو احتمالية عالية، ومحاولة القضاء على تهديد الصواريخ الكثيرة على إسرائيل لا تنتمي إلى صنف الحرب الصغيرة.

ولفت البروفيسور الإسرائيليّ إلى أنّ سوريّة التي تلعق جراحها بعد سنوات من الحرب الأهلية، توشِك على بناء جيشٍ جديدٍ، مُحذّرًا من أنّه محظور على تل أبيب أنْ تنسى بأنّ مصر أيضًا ذات جيشٍ تقليديٍّ كبيرٍ ومتطوّرٍ، ومن شأنها أنْ تُغيّر سياستها تجاه إسرائيل إذا عاد الإخوان المسلمون إلى الحكم، وبالتوازي، أضاف، فإنّ إسرائيل ملزمة بأنْ تحافظ وتحسن قدرتها على أنْ تبُثّ قوّةً إلى مسافات بعيدة، وتحديدًا إذا ما اضطرت لأنْ تعالج التهديد النوويّ الإيرانيّ، أكّد الباحِث الإسرائيليّ.

ورأى أنّ القرار لأيّ حربٍ هو إذن، بقدر كبير، رهان تاريخيّ عاقل، مُعبّرًا عن أمله في أنْ يُراهِن القائد العّام الجديد لجيش الاحتلال على نحو صحيح، فتشخيص الحرب التالية يؤثر مباشرةً على بناء قوة الجيش.

ولفت أيضًا إلى أنّه في السنوات الأخيرة أهملت القوة البريّة، ففرق الدبابات أغلقت ووحدات الاحتياط في سلاح البريّة لم تتدرب بما يكفي. والنقاشات التي جرت مؤخرًا على جاهزية الجيش الإسرائيليّ تركّزت أساسًا على وضع القوات البريّة، وبالتالي يجدر الاستثمار في تحسين هذه المنظومة.

وشدّدّ على أنّ السيناريو اللبنانيّ يستوجِب قوّة اجتياحٍ كبرى، تتجاوز استخدام سلاح الجوّ، وكذا السيناريو الأقل معقولية لحربٍ تقليديّةٍ واسعة النطاق يستدعي استخدام القوّة البريّة الكبيرة والجيدة، مُوضحًا أنّه في الجيش الإسرائيليّ انطلق منذ الآن الانتقاد بالنسبة للتشديد الذي وضع على النشاط الجويّ القائم على الاستخبارات الدقيقة، بحيث تمّ الأمر على حساب بناء قدرة مناورة بريّة.

بالإضافة إلى ذلك، أردف قائلاً إنّ دولةً صغيرةً كإسرائيل، وكذا دول أكبر وأغنى منها، لا يُمكِنها أنْ تبني جيشًا لكلّ سيناريو مستقبليّ معقول، وعليه فإنّها تبني خليطًا من القدرات يُمكِنه أنْ يُواجِه في أفضل شكل ممكن الحرب التالية، خليطًا من نظام القوات ليس قابلاً للتغيير السريع، وعليه فيجب التطلع إلى هوامش الأمن، ولا يوجد حل نظامي للخليط السليم، وهنا أيضًا، تقوم التجربة على الوضع الواعي والحدس الشخصي لمن يقف على رأس الجيش.

وبرأيه، تُلقى على كاهل رئيس الأركان المسؤولية لاستخدامه الجيش ضد الخصوم العنيفين، فاستخدام القوّة يستهدِف تحقيق أهدافٍ سياسيّةٍ، وهذا فنٌ بحد ذاته، أمّا التوقيت، وحجم القوة اللازم، وعناصرها، وشكل استخدام القوة العسكريّة، فهي مثل الأدوات في الفرقة الموسيقيّة التي تحتاج أقصى قدر من التنسيق، على حدّ توصيفه.

وأوضح أيضًا أنّ رئيس الأركان في إسرائيل هو عضوٌ فعليٌّ في المجلس السياسيّ-الأمنيّ المُصغّر (الكابينيت)، ومن هنا فإنّ رأيه هام للغاية، مُضيفًا أنّ قواعد اللعبة في (الكابينيت) تختلِف عن القواعد في المنظومة العسكريّة، حيث خدم القائِد الجديد كوخافي عشرات السنين، وقد سبق أنْ تعرّف على اللعبة السياسيّة الداخليّة والخارجيّة، فالتفاهم الجيّد بين القيادة السياسيّة والقيادة العسكريّة حيويّ لنجاح الفعل العسكريّ، طبقًا لأقواله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى