لماذا فشلت مواقع التواصل في حذف فيديو هجوم نيوزيلندا؟
ذكرت شبكة “سي إن إن CNN” الإخبارية الأميركية أن الأطقم الفنية في منصات “فيسبوك” و”يويتوب” و”تويتر” استغرقت ساعات طويلة للقيام بعملية حذف مقاطع فيديو تظهر الهجوم الإرهابي الدموي، الذي وقع في مسجدين بمدينة كرايست تشرش، والذي أودى بحياة 51 شخصاً وجرح العشرات. وقام الإرهابي، المنفذ الرئيسي للمذبحة، بتوثيق الجريمة، في بث مباشر أثناء اقتحامه المسجد وإطلاق النار على المصلين، عبر حسابه في “فيسبوك“.
وقالت ميا غارليك، متحدثة باسم “فيسبوك” في نيوزيلاندا وأستراليا، في بيان: “لقد أبلغتنا شرطة نيوزيلندا بشأن مقطع فيديو على فيسبوك بعد فترة وجيزة من بدء البث المباشر وسرعان ما تم حجب حسابات الإرهابي على فيسبوك وإنستغرام، بالإضافة إلى حذف مقطع الفيديو”.
ولكن لعدة ساعات بعد ارتكاب المذبحة البشعة، استمر ظهور نسخ من مقاطع الفيديو المروع على منصات “فيسبوك” و”يوتيوب” و”تويتر”، مما أثار تساؤلات حول مدى قدرة الشركات على السيطرة والتصدي للمحتوى الضار على منصاتها. وقالت غارليك: “إن فيسبوك يقوم بحذف أي ثناء أو دعم للجريمة أو للإرهابيين مرتكبي المذبحة بمجرد علمنا بذلك”.
كما أفاد متحدث باسم “تويتر” أنه تم تعليق حساب على المنصة له علاقة ببث لقطات الجريمة المروعة، وأن “تويتر” يعمل على حذف مقطع الفيديو من نظامه الأساسي. وفي نفس السياق، صرح متحدث باسم شركة “غوغل”، التي تمتلك منصة “يوتيوب”، أن “غوغل” تحذف أي “محتوى مروع أو عنيف أو رسوم مسيئة” بمجرد إطلاع المنصة بشأنها.
وناشدت الشرطة النيوزيلندية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بالتوقف عن مشاركة مقاطع لقطات إطلاق النار، مشيرة إلى أنه يجري اتخاذ اللازم نحو حذف مقاطع الفيديو من مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي. وأشارت شبكة “سي إن إن” إلى أن سياستها تقضي بعدم نشر معلومات إضافية بخصوص مقاطع الفيديو حتى تتوفر المزيد من التفاصيل حوله.
تقصير من شركات التكنولوجيا
ولا تعد هذه الواقعة الأولى من نوعها، إنما تكرر لمرات كثيرة بالولايات المتحدة وتايلاند والدنمارك ودول أخرى، حيث تم نشر مقاطع فيديو لتنفيذ جرائم على وسائل التواصل الاجتماعي، ثم يقوم مستخدمون آخرون بمشاركة اللقطات المزعجة.
وبحسب موقع “Ecommerce Daily News”، أدى مقطع فيديو الهجوم الإرهابي أثناء صلاة الجمعة إلى طرح الكثير من الأسئلة حول كيفية تعامل المنصات الاجتماعية مع المحتوى المسيء، وهل تقوم الشركات بما يكفي لمحاولة رصد مثل هذا النوع من المحتوى؟ وما مدى السرعة التي تستغرقها عملية حذف مثل هذا المحتوى الضار؟
وتعلق لوسيندا كريتون، كبير المستشارين في مشروع مكافحة التطرف CEP، وهي منظمة سياسية دولية مقرها نيويورك، على هذه الأسئلة قائلة: “إنه في الوقت الذي تؤكد فيه كل من شركة غوغل ويوتيوب وفيسبوك وتويتر أنهم يتعاونون ويتخذون اللازم من الإجراءات بما يحقق مصلحة المواطنين لحذف هذا المحتوى، فإنهم في الواقع لا يفعلون ذلك لأنهم ببساطة يسمحون لمثل هذه المقاطع من الفيديو بالظهور طوال الوقت”.
قلة حيلة أم تقاعس متعمد؟
ويبدو أن أدوات الذكاء الصناعي والمسؤولين الفنيين في منصة “فيسبوك” لم يتمكنوا من اكتشاف البث الحي لإطلاق النار، إذ جاء في بيان المتحدثة باسم “فيسبوك” أنه تم تنبيه الشركة إلى أنه يتم يتداول مقطع الفيديو المروع على منصتها من جانب شرطة نيوزيلندا.
وتضيف كريتون: “إن شركات التكنولوجيا لا تعتبر حذف مثل هذا المحتوى المروع أحد أولوياتها الأساسية، ويكتفون بمجرد فرك أيديهم بينما يقولون بكل التأثر إن هذا أمر فظيع. وفي نفس الوقت لا يمنعون تكرار ظهوره مجدداً عبر منصاتهم!”.
ويحذر ستيف مور، محلل قضايا إنفاذ القانون في شبكة “سي إن إن”، من أن انتشار مقطع الفيديو يمكن أن يؤدي إلى تحفيز قيام أشخاص آخرين بتقليده وارتكاب جرائم مماثلة.
ويضيف مور، وهو عميل متقاعد في المباحث الفيدرالية الأميركية: “إن تداول ومشاركة مقطع الفيديو يعد مساعدة للإرهابيين ومن يقوم بذلك يكون هو نفسه إرهابياً أو هدفاً مستقبلياً محتملاً لإرهابي قام بتشجعيه على ارتكاب جريمة عبر مشاركة مثل هذه المقاطع المروعة والبشعة.
العربية.نت