زيارة بومبيو للبنان مشروع “فتنة” لتمزيق وحدته الوطنيّة وإغراقِه في حربٍ طائفيّة..
حرِصَت الدولة اللبنانيّة ومُعظم مُؤسّساتها على التّأكيد لمايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكيّ الزّائر، أنّ “حزب الله” حزب لبناني مُمثّل في البرلمان والحُكومة، ولا تقبل مُطلقًا بالتّصنيف الأمريكيّ له كحركة إرهابيّة هذه الرّسالة الواضحة الحُروف والمعاني سمِعها وزير الخارجيّة الأمريكيّ أثناء اجتماعاتِه مع الرئيس ميشال عون، مثلِما سمِعها أيضًا من السيد نبيه بري، رئيس مجلس النواب ووزير الخارجيّة اللبنانيّ جبران باسيل.
زيارة بومبيو التي بدأت الجمعة ، هذه زيارة “فتنة” الهدف منها تأليب بعض الأحزاب اللبنانيّة المدعومة من أمريكا وحُلفائها في الخليج ضِد “حزب الله”، وبِما يؤدّي إلى زعزعة استقرار لبنان وأمنه، وتفتيت وحدته الوطنيّة، ومنع عودة النّازحين السوريّين إلى بلادهم، وإغراقه في الفوضى.
السياسة الأمريكيّة الاستفزازيّة التي تنحاز بالكامل للاحتلال الإسرائيليّ للأراضي العربيّة، بِما في ذلك اللبنانيّة، تُشَرِّع سِلاح “حزب الله”، وتُؤكّد على حتميّة استمراره كقُوّة مُقاومة ضروريُة ومشروعة، وكان السيّد بري واضِحًا عندما أشار إلى هذهِ المسألة، مسألة الاحتلال، أثناء لقائه بالوزير الأمريكي.
فعندما تدّعي الحكومة الإسرائيليّة أن المُربّع التاسع في البحر المتوسط الغني بالنّفط والغاز هو ملكها، وترفُض السّماح لشركات التّنقيب التي تعاقدت معها الحُكومة اللبنانيّة ومنحتها امتيازات في هذا الصّدد، وتستمر في احتلالها لمزارع شبعا، فإنّ هذا “استفزازًا” يجعل اللبنانيين يلتفّون حول جيشهم وحركات مُقاومتهم، وعلى رأسها “حزب الله” لحِماية المصالح والثّروات اللبنانيّة، وتحرير ما تبقّى من أراضيهم تحت الاحتلال.
نتّفق مع الوزير بومبيو بأنّ العُقوبات التي تفرِضها حكومته على “حزب الله” بتحريضٍ إسرائيليٍّ، بدأت تُعطِي مفعولها، وتُؤثّر سلبًا على الحزب وقاعدته الشعبيّة، خاصّةً أنّها تضمّنت إجراءات بتخفيف منابعه الماليّة، وتجريم كُل من يتعاون معه اقتصاديًّا، وإغلاق حساباته والمُقرّبون منه في المصارف اللبنانيّة، والسيّد نصر الله اعترف بهذا التّأثير أثناء خطابه الأخير، ولكن ما لم يُدركه هذا الوزير أنّ “حزب الله” حزب مُقاومة، ويعيش على الكفاف، وسينجح في تجاوز هذه العُقوبات وآثارها السلبيّة أو مُعظمها، مثلما نجحت إيران حليفته الحقيقة في المِنطقة، وتعايشت مع الحِصار والعُقوبات لأكثر من ثلاثين عامًا، والمثل نفسه ينطبق على العِراق تحت الاحتلال، وقِطاع غزّة واليمن.
اللبنانيون الذين اكتووا بنيران الفتن الأمريكيّة والإسرائيليّة التي تمثّلت في حربٍ أهليّة استمرّت أكثر من 15 عامًا في سبعينات القرن الماضي على درجة عالية من الوعي، ولذلك سيُفشِلون مُهمّة بومبيو الملغومة هذه، والحِفاظ على الوحدة الوطنيّة اللبنانيّة، والالتفاف حول الجيش اللبناني والمُقاومة الإسلاميّة، وهي مُقاومة بات وجودها حتميًّا كقُوّة ردع استراتيجيّ في مُواجهة التّهديدات الإسرائيليّة.
الرئيس اللبناني عون، ووزير خارجيّته جبران باسيل إلى جانب السيد بري، يستحقّون كُل التّقدير والاحترام من هذه الصّحيفة، لأنّهم لم يرضخوا مُطلقًا لضُغوط وزير الخارجيّة الأمريكيّ الزائر لبلدهم، ودعموا جميعًا حول “حزب الله” كحركة مُقاومة يُشكّل وجودها أحد الأعمدة الأساسيّة لأمن لبنان واستقراره، والدّفاع عن مصالحه، ورفضوا رسالة التّحريض الأمريكيّة رفضًا قاطِعًا.
صحيفة رأي اليوم الالكترونية