تقسيمات حول الحرية
تأمل الناس حولك حين يواجهون مسألة الحرية يدهشك التنوع و الإختلاف بينهم حولها في الفهم و الممارسة ، نحصرهم نظريا في ثلاثة أصناف :
صنف لا يهدأ في الإعلان عن حقه في أن يكون حرا مهما تعرض للردع و القمع ، و صنف آخر صامت حذر متخوف لا يجرأ على التصريح بما يبطن مخافة أن يبطش به حاكم ظالم أو مؤسسة إجتماعية متعصبة ، و صنف ثالث لا يعبأ بكل هذا فهو راضٍ عما هو فيه إيمانا منه بالقضاء الإلهي أو الصالح الإجتماعي فإذا هو نموذج حي للمواطن المطيع المتحمس في تأييده نظام الحكم و الدفاع عن ضرورة طاعة أولي الأمر تجنبا للفتنة كما يقول !
صحيح أن الحرية فطرة غير أنها مقيدة منذ الولادة بالغرائز والتربية والتقاليد، ومن هنا اختلاف الناس في فهم المعنى العميق للحرية وبالتالي القدرة على النضال في سبيلها ، فالصنف الأول هم الذين يستحقون فعلا أن يسموا بالأحرار ، و الصنف الثاني يمكن تسميته بالمستعبدين – بفتح الباء- و هم الذين يفيدون الأحرار ضمنا و لكنهم لا يملكون الجرأة على الوقوف علنا معهم لإيثارهم السلامة الشخصية على تعريض أنفسهم للخطر ، أما الصنف الثالث فهو الذين يوصفون بالعبيد و هم الفتنة الأشد إنحطاطا من البشر الذين فقدوا مع تراكم تقاليد الطاعة للحكام قي نفوسهم إمتيازهم البشري …
في هذا السياق الإفتراضي نستطيع أن نضيف إلى هذه الأصناف الثلاثة صنفا رابعا أكثر ما يوجد في الأقطار الشبيهة ببلادنا العربية عموما و هم البشر الذين من الممكن وصفهم بقولنا جماعة المنافقين أو المرتزقة على الأصح و هم البشر الذين يدركون ضمنا أهمية الحرية كمناخ نفسي صحي لمعنى الحياة نفسها و لكن مستواهم الأخلاقي رديء و منحط و لهذا تجدهم هم الأكثر انتفاعا من غياب الحرية في البلاد التي يسود فيها نظام إستبدادي صارم مخيف بما يرتكبه من موبقات وعقوبات إجرامية في حق مواطنيه والبارع في استخدام المنافقين المرتزقة كمواطنين مؤيدين له مقابل المنافع المادية التي يجود بها عليهم.
غير أن هذا التقسيم لا ينطبق تماما على البلاد المتقدمة علينا ومع ذلك فقد عانت منه أوروبا و بعض الدول الأسيوية كما حدث في ظلال حكم الشيوعي السوفياتي و النازي و الفاشيستي و ما تزال هذه المعاناة قائمة في بعض هذه الأقطار حتى اليوم ، أما نحن العرب و المسلمون عامة فليس أسهل من تطبيق هذا التقسيم على الرعية في تلك الأقطار هنا وهناك وماعلينا الآن بعد هذا التقسيم سوى أن نحدد الصنف الذي تنتمي إليه الرعية في القطر الذي ننتمي إليه ، بل أن نقوى على التصريح علنا أو ضمنا إلى أي صنف بشري من الأصناف التي ذكرناها آنفا….
حسنا أنا كاتب هذه الخاطرة واحد منكم فكرت مليا في تصنيف شخصي إلى أي من هذه الأصناف أنتمي … و الحق أقول لكم إنني لا أجرؤ على التصريح علنا بإنتمائي!!؟؟؟.