بيئة الموت الرخيص
ـ 1 ـ
تتعايش المآسي في سورية، مع الأماسي. ويختلط كل شيء. لا سيما ادوية الكلام السهل بسم الكلام الصعب، في وصفات دكاترة الأزمات في بلد أصبح حاضنة الاستثمار في انعدام الأخلاق ،وتحطيم قيم المجتمعات المتماسكة والمفكّرة والمسالمة.
مثلاً:
“يجب ابتكار مدوّنة سلوك لعيش سوري مشترك” هذه جملة من بيانات الحوار الفظيع الغش: الحوار “السني العلوي” (تخيل) الذي أقيم في برلين الشهر الماضي: “مدوّنة سلوك” قد تعني مجرد كلمة مرحباَ… كيفك ياجار؟ تحتاج الى هذا الاسم المفذلك !
“عيش مشترك” تعني اقتسام المكان لمشتركين في الحيزالجغرافي، وليس كمواطنين متساوين بكل منظومة القوانين. المضحك في بيان هؤلاء السنيين والعلويين (ياللهول) أنهم يرفضون تسييس المجتمع السوري ،على أساس قومي أو ديني أو عرقي أو مذهبي…وهم أنفسهم قدموا أنفسهم ممثلين لأديان وطوائف واجتمعوا على هذا الأساس .
إنهم يعالجون قضايا مجتمع هم أحد أمراض قضاياه. هم تجلياته، وممثلو عيوبه بحثاً ، في كومة الزبالة الدينية ، عن ذهب المواطنة.
إنهم النموذج النمطي الفكاهي لأحد الشيوخ حين سألوه: ما هو أكثر شيء تكرهه؟
فقال: الطائفية والسنّية.
الشيخ المقابل أجاب بنفس الطريقه.
ـ 2 ـ
في سورية التي تدمرت بعض مدنها ومناطقها وبيوتها خلقت ما يسمى بمشردي الحروب. وهذا اكبرعنوان يشمل كل المآسي : النزوح. اللجوء. الجوع. الفقدان. التيه. المغامرة. الاغتصاب إلى آخر هذه السلالة .
لا يمكن بالطبع، إحصاء عدد المغتصبات في سورية.
فقد انوجدت وصورت أسواق النخاسة، كما في العصور القديمة.
ولكن من بين ضحايا الاغتصاب هم الأطفال. وهنا أيضاً صعوبة الرقم. فقد ذكر رئيس هيئة الطب الشرعي في سورية 363 حالة اعتداء جنسي منها 165 في حلب و 110 في دمشق . وهذه أرقام تشكل 10% فقط من العدد الحقيقي الذي يتم اخفاءه حرصا على شرف الضحايا .
نفس المصدر كشف عن وقوع 364 حالة انتحار خلال عام واحد.
لقد كان الأطفال وما يزالون واجهة المأساة في هذه الحرب. فهناك حوالي أربعة ملايين طفل مشرد أو خارج الحياة الطبيعية للأطفال في داخل وخارج سورية. وبهذا الرقم المخيف ستكون مفردات المأساة متنوعة حد الذهول:
مثلاً: إدمان الأطفال للمخدرات. المواد التي كُشف عنها كوسيلة للتعاطي مثل كيميائيات العلب اللاصقة. كما في شريط فيديو للطفلة على ضفة بردى، التي أنقذت من الانتحار.
هناك من يدرب الأطفال على الشم المسموم المجاني ،ليسهل بعد قليل استدراجهم إلى سوق العمل في الشحادة. وليكونوا في المستقبل زبائن المخدرات ذات الثمن .
كل هذا مدمر للأعصاب
ولكن لا علاج إلا بمعرفته وإحصائه ودراسته ،وإيجاد بيئة انقاذ …
بيئة نزيهة حنونه ونظيفه .
وتخصيص بعض مسروقات بيوت هؤلاء لإنقاذ حياة …هؤلاء.