ما هي خطة تفكيك الحصار الأميركي في شرقي الفرات؟
لا يبدو أن طوابير الانتظار التي فاضت عن طاقة محطات الوقود السورية ، ستستمر مدة طويلة بحسب مصدر دبلوماسي رفيع أكد للميادين أن ضمن ما تم نقاشه مع وزير الخارجية الإيراني الذي زار دمشق قبل أيام هو أزمة الوقود وإعادة تشغيل الخط الائتماني بين طهران ودمشق ، المتوقف منذ أشهر ، ودمشق لم ترسل رسائل إلى أنقرة.
لن ينتظر السوريون وحلفاؤهم تبلور أي وجهة سياسية اقليمية أو دولية جديدة لزيادة الضغط والحصار الذي تراهن عليه واشنطن لإضعاف دمشق اقتصادياً بما يهدد الانتصارات التي راكمتها مع حلفائها في أي عملية سياسية مقبلة أولا، ودفع الحليف الإيراني ثانياً للانسحاب من سوريا.
ويقول المصدر السوري إن الوقت يداهم الجميع ، ولا بد من التحرك بسرعة لتقويض مساعي واشنطن ، ولن ننتظر أحدا لكي نباشر الحلول مع حلفائنا “الذين نثق بهم بشدة”.
ويضيف المصدر أن التنسيق بدأ وعلى أكثر من مستوى لاحتواء الحصار الاقتصادي وأن دمشق التي سبق أن واجهت حصاراً مشابهاً في ثمانينيات القرن الماضي لا تزال تتملك الكثير من الأوراق لمواجهة جديدة.
خلال الأيام الماضية، ازدحمت أجندة الزيارات في القصر الرئاسي بدمشق ، وعكست التصريحات احتلال الازمة الاقتصادية المحل الاول في كل النقاشات. ومن اللقاءات الدمشقية ــ الروسية ــ الإيرانية لم يجد الإعلام ما يشبع نهمه، في البيانات الرئاسية المتقشفة ، فملأ فراغ أسئلة الاعلام ما تحدث به نائب رئيس الحكومة الروسية يوري بوريسوف بأن موسكو ستوقع عقد استئجار ميناء طرطوس لـ ٤٩ عاماً من أجل استخدامه من قبل قطاع الأعمال الروسي، معتبرا أن القرار سينعكس إيجاباً على التبادل التجاري بين البلدين، وسيخدم الاقتصاد السوري.
حرب أخرى توشك أن تستعر في الشرق السوري لإعادة بناء توازن بين الولايات المتحدة وروسيا . وبقايا “داعش” لم تعد هدف الحشد العسكري الوحيد المتزايد حول شرق الفرات من الأطراف كافة، بل السباق على منع الروس والإيرانيين من الإمساك بالممر البري الشرقي ، والحل السياسي والعسكري . كما يهدف السباق إلى استنزافهم، وتحميلهم المزيد من اعباء حشد عسكري جديد في سوريا.
اذ بدأ الاميركيون بنقل الآليات والسلاح التي دخلت الشرق السوري، منذ معركة الباغوز، وتضم معدات لوجستية وآليات مصفحة وأسلحة، إلى القواعد الامريكية في ريفي دير الزور والحسكة، من أجل تجهيز مجموعات محلية في المنطقة، لتنفيذ هجمات على مواقع سورية وإيرانية في منطقة البوكمال بأقصى ريف دير الزور الشرقي بحسب مصادر مطلعة للميادين.
وتلفت المصادر أنه بعد أن وضعت الولايات المتحدة الأميركية، حرس الثورة الإيرانية على لائحة الإرهاب، باتت واشنطن ترى أن الأجواء مناسبة لمهاجمة أهداف إيرانية في شرق الفرات، ودفع مجموعات تابعة لها لقطع طريق بغداد ــ دمشق، لاستكمال الحصار برياً وعزل الشرق السوري عن العراق وإيران بتعزيزات تحافظ على التوازنات الجوية بين القواعد التركية في أنجيرلك وأضنة من جهة، وقواعد حميميم والشعيرات الروسية السورية من جهة أخرى، بانتظار أن تتبلور وجهة التدخل البري، التي يزعم الجميع حتى الآن، أن ترامب لن يقدم عليه ، مفضلاً المنافسة في السماء ، وترك الأرض إلى “فصائل العشائر العربية المتحالفة مع قسد كما جرت عليه العادة” على ما قاله رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون ، في نفيه أي نيّة لإرسال قوات تدخل بري الى المحرقة السورية.
وتكشف المصادر أن المخطط الأميركي لم يلق دعم وقبول من الوحدات الكردية التي تريد الحفاظ على علاقات جيدة مع الإيرانيين، خاصة في ظل عدم انقطاع التنسيق في الحسكة على الأقل. وأنهم يفضلون القيام بعملية ضد قوات “غصن الزيتون” في عفرين، لافتةّ إلى أن البديل هو مجلس دير الزور العسكري وفصائل عربية تقاتل ضمن تحالف “قسد”. لكن لم يتم اتخاذ القرار النهائي بعد، في ظل صعوبة حشد قوات كافية لتنفيذ العملية وعدم وجود أي طريق بري يربط شرق الفرات بغربه.
يأتي ذلك، في ظل تصاعد هجمات تنظيم “داعش” فيما اسماها التنظيم ” معركة الثأر للشام”، والتي ينفذ خلالها عمليات يومية في كل من أرياف دير الزور والرقة والحسكة وصولاً إلى منبج، والتي طالت كذلك، دورية لـ”التحالف” بسيارة مفخخة على طريق الشدادي قرية 47، وأدت إلى مقتل عدد من مسلحي “قسد”.
وتشهد أرياف دير الزور والرقة نشاطاً كثيفاً لخلايا التنظيم، بسبب عدم رضى الأهالي عن حكامهم الجدد، واستعجال “قسد” بالسيطرة على المناطق، والعمل على تطويع أبناء المناطق نفسها، لتحويلهم إلى قوات حماية محلية لها تحت رايتي “الأسايش” و “مجلس دير الزور العسكري”، ما يجعل تغلغل خلايا التنظيم ضمن صفوف “قسد” سائبة، واستثمار ذلك لشن عمليات عسكرية في المنطقة.
فيما بات واضحاً أن الجيش السوري قد يطلق عملية عسكرية قريبة تستهدف الحدود السورية ــ العراقية من محيط البوكمال وصولاً إلى منطقة 55 كم في محيط التنف من جهة، ومنطقة السخنة ومحيطها وصولاً إلى محطتي الـt2 و t3 ، بعد أن عاد النشاط لخلايا “داعش” الذين استغلوا المساحات الصحراوية الواسعة، والإمداد المفتوح من منطقة التنف لتنفيذ هجمات ضد مواقع الجيش، أدت لاستشهاد وإصابة عدد من ضباط وعناصر الجيش السوري والقوى الرديفة قبل أيام .
الكرد قد يدخلون المواجهة مع الروس والإيرانيين والجيش السوري منفردين من دون حلفائهم كما يُقال ، ولا صحة عن تردد في صفوفهم بعد أن قرر الاميركيون خفض عديد قواتهم في سوريا ، فلا يزال الرهان الكردي على دفع الدول الأوروبية المشاركة ضمن تحالف “واشنطن”، لإقناع واشنطن برفع عدد قواتها المتبقية إلى ألفي عنصر كما وسبق أن طلب شاهين جيلو القائد العام لـ”قسد”، من الجنرال جوزيف فوتيل قائد القوات الأمريكية في الشرق الاوسط، وهو ما سعت “قسد” لنقاشه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في لقاء جمعهم معه في قصر الإليزيه بالعاصمة باريس، بحضور رئيس اركان الجيش الفرنسي، وممثلين عن وزارتي الدفاع والخارجية وعدد من مستشاري الرئاسة، وفق ما نقلته وكالة هاوار، المقربة من “الإدارة الذاتية” الكردية.
وأكد الوفد، ان مطالبهم للرئيس الأميركي تلخصت بالضغط لأجل تمثيل “الإدارة الذاتية” في لجان صياغة الدستور وفق مسار أستانة، بالإضافة الى توفير الدعم المادي لتوفير الخدمات وتحقيق التنمية في ملف إعادة الإعمار، وإيجاد حل لمشكلة المعتقلين من “داعش” في سجون “قسد”، وعوائلهم الموجودين في مخيم الهول بريف الحسكة الشرقي.
وتنقل مصادر مطلعة أن فرنسا ترفض الإبقاء على قواتها في حال دخل الانسحاب الأميركي حيّز التنفيذ، وأن كل محاولات واشنطن لإبقاء 200 عنصر من قواتها، مع الحفاظ على وجود قوات أخرى من “التحالف”، باءت بالفشل.
الميادين نت