حراك دبلوماسي إيراني لتحييد الخليج
تتوالى الزيارات بين سلطنة عُمان وإيران، منذ اندلاع التوتر في المنطقة إثر التصعيد الأميركي ضد طهران. تتمسّك مسقط بدورها التقليدي كوسيط بين الطرفين، ولا تخفي أن حراكها الدبلوماسي الذي يقوده وزير الشؤون الخارجية يوسف بن علوي، يستهدف نزع فتيل التوتّر وتحقيق التهدئة بين الجانبين. وتتكثّف الاتصالات بين العمانيين والإيرانيين، آخرها زيارة مساعد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي (رئيس الوفد الإيراني المفاوض في الاتفاق النووي)، إلى عمان، حيث التقى أمس بن علوي، إلى جانب وكيل الخارجية العمانية بدر البوسعيدي.
وبحسب وكالة الأنباء العمانية، فإن لقاء عراقجي وبن علوي تناول «أوجه التعاون الثنائي بين البلدين وتبادل وجهات النظر في القضايا الإقليمية والتطورات التي تشهدها المنطقة». ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية عن عراقجي نفيه، أثناء اللقاء، لأي حوار، سواء مباشر أو غير مباشر، مع الولايات المتحدة، والتأكيد أن بلاده «لا تسعى إلى التصعيد في المنطقة». الدبلوماسي الإيراني، الذي سمع من مضيفه العماني دعوة لكل الأطراف إلى «ضبط النفس»، اعتبر، وفق الوكالة، أن «انتفاع جميع الدول الإقليمية من مصالح التعاون الاقتصادي يضمن الاستقرار والأمن في المنطقة»، مبدياً استعداد بلاده لـ«إقامة علاقات متوازنة بنّاءة وقائمة على أسس الاحترام والمصالح المتبادلة مع جميع الدول في منطقة الخليج».
وتأتي أهمية الزيارة، لا من أنها تعقب زيارة بن علوي المفاجئة والعاجلة لطهران الأسبوع الماضي فحسب، بل كونها محطة أولى في جولة خليجية ستقود المفاوض الإيراني إلى كل من قطر والكويت، بموازاة زيارة وزير الخارجية محمد جواد ظريف للعراق، وعشية قمم مكّة، الإسلامية والعربية والخليجية، التي دعت إليها الرياض لمواجهة طهران. فمن بغداد، أطلق ظريف مبادرة تجاه جيرانه على الضفة الأخرى من الخليج، كاشفاً عن دعوة توجّهها طهران للدول الخليجية بتوقيع اتفاق «عدم اعتداء». هذه الحيثيات تشي بأن التحرّك الدبلوماسي الإيراني يصب في خانة التوتر الإقليمي، لا التفاوض مع الولايات المتحدة، وهو يحمل رسالة مفادها أن طهران تدعو إلى فصل المسارات عبر سحب ذرائع واشنطن لابتزاز الرياض وأبو ظبي بصفقات الأسلحة (آخرها صفقة الـ 8,1 مليارات دولار)، والتأكيد أن المشكلة إيرانية أميركية، ولا داعي للتجييش السعودي باتجاه انخراط عربي فيها. ورغم صعوبة انتظار استجابة سعودية إماراتية لدعوة طهران إلى التهدئة، فإن الأخيرة تنجح، على الأقل في الشكل، في إضعاف الموقف الأميركي الذي يوحي بأنه «يحمي» المنطقة وحلفاءه من «العدوان» الأميركي كما يردد الرئيس دونالد ترامب ووزير خارجيته، وذلك من خلال إظهار علاقات طهران مع عمان وقطر، وأيضاً الكويت التي رفعت قبل أيام شعار «الحياد الإيجابي».
في غضون ذلك، وفي وقت لم يستبعد فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني، لدى جوابه عن سؤال إعلامي، أن يتم اللجوء إلى المادة 59 من الدستور، التي تنظّم إجراء الاستفتاء الشعبي، لتحديد مصير البرنامج النووي الإيراني، علمت «الأخبار» أن ظريف قال أثناء لقاءاته في بغداد مع المسؤولين العراقيين إن حكومته تدرس طرح البرنامج النووي على الاستفتاء الشعبي العام، وهو ما يفتح الباب على احتمال زيادة تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز الاتفاق النووي وتعني عملياً انسحاب طهران من الاتفاق.
صحيفة الأخبار اللبنانية