قصة العربة في الجامع الأموي
الأماكن في دمشق تحوي في ثنايا بقاياها قصصاً طريفة، وأحياناً هي الزخرفة الضرورية لتاريخ المدن والأماكن فيها.
إن مينة قديمة كدمشق مليئة، عبرالعصر، بحكايات وحوادث لا تنتهي، ومنها ما لا يعرف المؤرخون سبباً لحدوث ما حدث للحكاية وأصحابها.
لا ينتبه معظم الناس إلى عربة متهالكة وشكل أخشابها غريب، ولا تبدو عليها آثار وظيفتها ، مركونةالى جوار حائط في الباحة الداخلية.
القصة أن الجامع الأموي تعرض إلى حريق خمس مرات في عهود مختلفة. وكان آخرها في العام 1890 وكان حريقاً هائلاً. فخلال ساعتين كانت النيران قد قضت على الجامع كله.
والي دمشق العثماني “حسين ناظم باشا” شكّل لجنتين لإعادة إعماره. الأولى للمشتريات، والثانية للإنشاءات. وقد واجه البناؤون مشكلة في نقل الأعمدة الضخمة من المقالع إلى الجامع. فأشار عليهم معماري دمشقي يدعى عبد الغني الحموي، بأن يجلبوها من أحد مقالع قرية المزة ـ وتعهد لهم بعملية النقل وشرح لهم تصميم عربة نقل تجرها الثيران، ولها ملاقط تمسك العمود في الأسفل. أعضاء اللجنة استغربوا الاقتراح وتجاهلوه فقال لهم إن ما يقترحه ليس من بنات أفكاره ،بل شاهدها في أحد مقالع الرخام في روما… فصدقوه وكلفوه بالأمر. وقام بنقل الأعمدة واحداً تلو الآخر. وكان الناس يستقبلون كل عمود بالأهازيج والعراضات.
عندما انتهى من نقل آخر عمود، وقبض ثمن أتعابه وتكاليفه… اعترف للجنة بأنه لم يرَ في حياته البلاد الإيطالية، ولم يزر في روما مقالع الرخام. وإنما زعم ذلك لمعرفته بأن هذا سيقنعهم.
بعد قراءة هذه القصة… تذكرت أنني منذ خمسين عاماً، عند زيارتي الأولى للجامع الأموي… لفتت هذه العربة نظري، ولكنني لم أهتم بالبحث عن سبب وجودها… وفقط ، الآن ،أعرف قصةهذه العربة العظيمة .