تعرف على حروب “الجيل الخامس”

 

ضمن سلسلة “كتب المستقبل”، وفي تعاون مشترك بين “العربي للنشر والتوزيع” في القاهرة و”مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة” في أبوظبي، صدر حديثاً كتاب “حروب الجيل الخامس.. أساليب التفجير من الداخل على الساحة الدولية” للدكتور شادي عبدالوهاب منصور، رئيس التحرير التنفيذي لدورية اتجاهات الأحداث، ورئيس وحدة تقدير الإتجاهات الأمنية في مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.

يتناول الكتاب توضيحاً لأجيال الحروب المختلفة من الأول حتى الخامس، مع التركيز على الجيل الخامس من الحروب وتوضيحه بالاستناد إلى عدد من المفاهيم ذات الصلة، مثل الحروب الهجينة، والمناطق الرمادية، ثم ينتقل لتوضيح الأشكال المختلفة من الحروب، وأبعادها الجديدة..

وقد ساعدت كل هذه الحروب والصراعات الداخلية والإقليمية على تطور الأدب النظري حول شكل الحروب الحالية ومستقبلها. وفي هذا الإطار يسعى هذا الكتاب إلى توظيف ”أجيال الحروب“ من الجيل الأول إلى الجيل الخامس باعتباره تصنيفاً مفيداً لتاريخ الحروب، ويساعد على فهم ماضيها، وعوامل تطورها، في محاولة لفهم أشكال الصراعات التي تشهدها المنطقة العربية والعالم في الوقت الراهن.

يمكن القول إن إرهاصات هذا الجيل الخامس قد بدأت بالتشكّل خلال العقد الأخير على وجه خاص، وأن هناك جهوداً أكاديمية ونظرية مستمرة تصبو إلى تقديم نظرية متكاملة حول هذا الجيل والذي يحمل شعاراً أساسياً هو “التفجير من الداخل”، باعتباره الوسيلة الأمثل لهزيمة الخصوم، وهي ليست قاصرة على الدول، بل صارت تمتد إلى المجتمعات، من دون تحمّل تكلفة كبيرة، على نحو يحقق نبوءة صن تزو، الجنرال الصيني والخبير العسكري، في كتابه “فن الحرب” ومفادها “أن تخضع العدو دون قتال هو ذروة المهارة”.

ويحدد الكتاب سبل وأساليب مواجهة حروب الجيل الخامس التي تتنوع ما بين التدابير الأمنية أو بناء شراكات وتحالفات مضادة، والأهم بناء استراتيجيات تقوم على توعية المجتمع بمخاطر الدعاوى الرامية إلى إسقاط الدولة، وتشمل هذه التدابير الإستثمار المباشر في تكنولوجيا المراقبة والرصد وتوظيف تكنولوجيا المعلومات في التحليل التنبؤي.

لم تعد الحرب في الوقت الراهن مجرد حرب تقليدية واضحة المعالم والأدوات، فيصف الكتاب حروب الجيل الخامس بأنها “بلا قيود” حيث لا توجد فيها محظورات، وإنما باتت خليطاً من توظيف جميع الأدوات المتاحة، التقليدية وغير التقليدية.

ويتناول الكتاب نوعية أخرى من الصراعات هي الحروب الهجينة وثيقة الصلة بحروب الجيل الخامس، وتشير إلى دمج كامل للوسائل العسكرية وغير العسكرية للدولة لتحقيق هدف سياسي، وذلك من خلال توظيف أنواع مختلفة من القوى، وهو نمط تم تطبيقه بحسب الكتاب في انتفاضات “الربيع العربي”.

ويشدد الكتاب على أن حروب الجيل الخامس تختلف عن سابقاتها من الحروب بسبب طبيعتها كحروب شبكية، إذ لا يوجد فيها مركز ثقل يعكس الهيكل المؤسسي للأطراف التي تخوض الصراع ويرتبط بهذا الملمح غياب القيادة لأن قادتها “أفراد يعملون بصورة لا مركزية”.

ويضيف الكاتب أن الدول أصبحت تتحاشى شن الحرب المباشرة، وتفضل استخدام كل الوسائل الإكراهية من دون إعلان الحرب، مثل الحروب الإقتصادية والسيبرانية والمعلوماتية والبيئية، وحروب الفضاء.

ويحدد الكتاب سبل وأساليب مواجهة حروب الجيل الخامس التي تتنوع ما بين التدابير الأمنية أو بناء شراكات وتحالفات مضادة، والأهم بناء استراتيجيات تقوم على توعية المجتمع بمخاطر الدعاوى الرامية إلى إسقاط الدولة، وتشمل هذه التدابير الإستثمار المباشر في تكنولوجيا المراقبة والرصد وتوظيف تكنولوجيا المعلومات في التحليل التنبئي.

وتستند هذه الحروب إلى المصالح المشتركة بدلاً من أهداف الأيديولوجية أو الوطنية، وقد تؤجل أهدافها العسكرية لصالح الاعتماد على الحروب الاقتصادية والمعلوماتية وبناء تحالفات أوسع بهدف إسقاط الدولة المستهدفة.

وتتفق كل هذه المفاهيم على تراجع القدرة على التمييز بين ثنائية الحرب والسلام، أو الحروب التقليدية وغير التقليدية، أو الحروب النظامية وغير النظامية، ّولعل هذا ما عبر عنه ووزير الدفاع  الاميركي الأسبق، ”روبرت غيتس“، حينما أكد على ”أن تصنيفات الحروب أصبحت غير واضحة، ولم تعد تناسب التقسيمات المتعارف عليها، ويستطيع المرء أن يتنبأ بالتوسع في توظيف أدوات وتكتيكات الحرب، من المعقد إلى البسيط، بصورة متزامنة في الاشكال الهجينة والأكثر تعقيداً من الحروب”.

ويعتبر الكاتب أن الثورات الملوّنة التي اندلعت في شرق أوروبا بدءاً من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين باعتبارها امتداداً لأنماط جديدة من الحروب تستهدف المجتمعات، وتعمل على تقويضها، خاصة الثورة الوردية في جورجيا والثورة البرتقالية في أوكرانيا، والصراعات التي شهدتها كل من أفغانستان والعراق في أعقاب الأحتلال الأميركي لهما في عامي 2001 و2003 على التوالي، فضلاً عن الحرب ما بين “إسرائيل” وحزب الله في عام 2006 ، والتي شهدت نجاح الفواعل المسلحة من دون الدول في استهداف وتحدي قوى عسكرية متقدمة على الرغم من الفجوة التكنولوجية والعسكرية الواسعة بين الطرفي، وثورات “الربيع العربي” بدءاً من أواخر عام 2010 تشكل جميعها نماذج في تغيير أشكال الحروب.

ويؤكد المؤلف شادي منصور أنه في بعض الأحيان، لا تدرك الدولة المستهدفة أنها في حالة حرب، فأحد السمات الأساسية لحروب الجيل الخامس هو تلاشي الحدود بين ما يُعد أرضاً للمعركة وما ليس أرضاً لها، وأضحت معامل الأبحاث والبورصات ووسائل الإعلام والمراكز الدينية والمؤسسات الاقتصادية والفضاء الإلكتروني وغيرها، بمنزلة ساحات للمعارك وإدارة الصراعات بين الدول وبضعها البعض. ويعتبر الكاتب أن الصراعات والحروب الأهلية التي شهدتها المنطقة العربية في أعقاب “الثورات” العربية في عام 2011 هي في جانب منها انعكاس لحروب الجيل الخامس.

الميادين نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى