انتخابات الكيان: إسرائيل قالت لا للمُتَّهم بجرائم حربٍ ضدّ الفلسطينيين وصرخت عاليًا نعم لنتنياهو المُتِّهم بالرشا وخيانة الأمانة والاحتيال وأكّدت انتقالها رسميًا من مرحلة العنصريّة لحقبة الفاشيّة
كما كان مُتوقعًا، لا بلْ مُتوقعًا للغاية، هزم بنيامين نتنياهو، المُتهّم بعددٍ من المُخالفات الجنائيّة، التي تجعله مُجرِمًا مع وقف التنفيذ، منها على سبيل الذكر لا الحصر، تلقِّي الرشاوى، خيانة الأمانة والاحتيال، هزّم، وربّما يُمكِن القول، لا الفصل، هزَم غريمه، إنْ لم يكُن عدوّه، الجنرال في الاحتياط بيني غانتس، زعيم حزب (أزرق أبيض) في الانتخابات العامّة للكنيست الإسرائيليّ التي جرت أول أمس الاثنين بالضربة القاضية، وفي هذه الساعة بالضبط، العاشرة إلّا الربع بتوقيت فلسطين، وبعد فرز أكثر من 72 بالمائة من الأصوات تبينّ أنّ وفقًا للنتائج الرسميّة المرحليّة التي أعلن عنها صباح اليوم الثلاثاء، يحصل حزب الليكود على 35 مقعدًا، بينما تحالف “كاحول لافان”على 32 مقعدًا، والقائمة المشتركة على 17 مقعدًا، و”شاس” 9 مقاعد، و”يهدوت هتوراة”، 8 مقاعد، و”يسرائيل بيتنو” 6 مقاعد، وتحالف “العمل-غيشير-ميرتس” 7 مقاعد، وتحالف أحزاب اليمين المتطرف “يمينا” 6 مقاعد، وبهذه النتائج المرحليّة تحصل كتلة اليمين على 58 مقعدًا، فيما معسكر المركز-اليسار على 56 مقعدًا.
الإسرائيليون، الذي يؤيّدون الفاشيّة التي يقودها نتنياهو قرروا، على ما يبدو، أنْ يحسموا المعركة، وبالتالي خرجوا بالملايين للتصويت للمُرشّح الذي أحّبوه وأيّدوه نتنياهو، فيما أشارت القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ إلى أنّه طبقًا للإحصائيات الرسميّة فإنّ مؤيّدي غانتس، المُتهّم في عددٍ من الدول الأوروبيّة بارتكاب جرائم حرب ضدّ الفلسطينيين وجرائم ترتقي إلى جرائم ضدّ الإنسانيّة، فضّلوا البقاء بالبيت ولم يستغّلوا حقّهم في التصويت، وبالتالي يُمكِن القول إنّ المُتهَّم باللصوصيّة، نتنياهو، تغلّب على المُتهِّم بجرائم الحرب غانتس، وأنّ الفاشيّة بقيادة حزب (ليكود) انتصرت على العنصريّة بقيادة (كاحول لافان)، واللافِت أنّ القائمة المُشتركة، وهي تحالف الأحزاب العربيّة والجبهة الديمقراطيّة للسلام والمُساواة، المُركّبة من العرب واليهود، حصلت بحسب النتائج المرحليّة على 17 قعدًا، وذلك لأوّل مرّةٍ في تاريخ كيان الاحتلال الإسرائيليّ.
وقال نتنياهو عبر “تويتر” إنّه “انتصار كبير لإسرائيل”، وذلك بعدما أظهرت استطلاعات لثلاث قنوات إسرائيليّة أنّ الكتلة اليمينية ستحصل على 60 مقعدًا، وستكون بحاجة إلى مقعد واحد لتشكيل الحكومة بغالبية 61 نائباً (النصف + 1).
وأضاف نتنياهو في مهرجان خطابي عقب الإعلان عن فوزه، أنّ “الناس منحونا الثقة لأننا قدنا البلاد في أكثر عقد مزدهر في تاريخها.. عززنا علاقاتنا مع جميع الدول، وأنشأنا علاقات جديدة مع العديد من الزعماء، الحديث يدور عن الكثير مما لا تعرفونه في العالمين العربيّ والإسلاميّ”.
وقال نتنياهو “سنفرض “السيادة الإسرائيلية” في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)، وسنقضي على التهديد الإيراني، وسنوقع تحالفًا دفاعيًا مع الولايات المتحدة، سنقيم معاهدات سلام مع دول عربية”، زاعمًا أنّه ينوي أنْ “يكون رئيس حكومة لجميع المواطنين الإسرائيليين دون استثناء، من اليمين واليسار، من اليهود وغير اليهود، من جميع القطاعات وجميع الأجناس”، وأردف قائلا: “مررنا في أكثر من عملية انتخابية صعبة للغاية، وقد حان الوقت لإيقاف الجولات الانتخابية وتشكيل حكومة. حان الوقت لرأب الصدع، حان وقت المصالحة”.
من جهته، قال غانتس في خطاب له من مقر الانتخابات المركزي لـ”كاحول لافان” وسط أنصاره المحبطين، “أشارككم مشاعر خيبة الأمل والألم”، مضيفًا أنًه “كان يأمل بأن تكون نتائج الانتخابات التشريعية مختلفة”.
واعتبر غانتس أنه “مع انتهاء فرز الأصوات والإعلان عن النتائج النهائية، سيتبين أنّ “كاحول لافان” اكتسبت قوّةً إضافيّةً”، مشيرًا إلى أن هذه الانتخابات “كانت واحدة من أصعب العمليات الانتخابية في تاريخ دولة إسرائيل”.
وفيما تجنّب غانتس التطرق للمشاركة في حكومة وحدة مع “الليكود” أوْ حتى مهاجمة نتنياهو، قال: “واجهنا أكثر حملة انتخابية منحطة في تاريخ إسرائيل، علينا أنْ نرفع رؤوسنا وننتظر النتائج الحقيقية، وشدد على ضرورة “وحدة الشعب الإسرائيلي”.
وأوضح غانتس أنّ “النتائج الأولية لا تعكس النتائج التي انتظرناها في (كاحول لافان)”، وتابع: “إذا قاربت هذه النتائج، النتائج النهائية، فلن تكون النتائج التي ستعيد إسرائيل إلى الطريق السليمة”، مرجّحا أنْ “تكون النتائج السياسية للانتخابات مطابقة لتلك التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة”، في إشارة إلى عدم قدرة أي من المعسكريْن على تشكيل الحكومة حسب التحالفات الحاليّة.
وقال رئيس القائمة المشتركة النائب أيمن عودة مساء الاثنين إنّ “القائمة حققت إنجازًا غير مسبوق في عدد المقاعد للأحزاب العربية”، مضيفًا أنّ “(كاحول لافان) فشلت نتيجة توجهاتها العنصرية تجاه العرب والقائمة المشتركة”.
وعبّر نواب عن القائمة المشتركة في تصريحات منفصلة عن أنّ “الإنجاز الذي حققته القائمة يتمثل بالحصول على دعم المواطنين العرب مجددًا، على الرغم من حملة التحريض ونزع الشرعية التي مارسها معسكر اليمين، وبث حملة “الليكود” لحالة من الخوف لثني الناخب العربيّ عن ممارسة حقه الديمقراطيّ في الاقتراع”.
وعلى الرغم من الإنجاز الذي حققته القائمة المُشتركة، فعلينا أنْ نأخذ بعين الاعتبار أنّ الحكومة القادِمة بقيادة نتنياهو ستكون فاشيّةً بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ، ولن يتمكّن النوّاب العرب من كبحها أوْ لجمها، تمامًا كما حدث قبل سنة ونصف السنة عندما سنّت الحكومة بقيادة نتنياهو قانون القوميّة العنصريّ مع علامة الجودة والامتياز.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية