الى أين؟ ما قبل الكورونا و ما بعدها
هل ستغير الكورونا العالم؟
هذا هو السؤال الذي لايستطيع احد ان يتنبأ بجوابه الى اليوم.
فاليوم، وفي خضم الحديث المفزع و الغامض عما سوف يصيب البشرية في ظل وباء فيروس الكورونا المتفشي، لا يفرغ الحديث العام و الخاص من السؤال عما سوف تخفيه الأيام و ما سوف يحمله لنا المستقبل من المتغيرات ومن المستجدات للبشرية لمرحلة ما بعد الكورونا.
مما لا شك فيه أن الأزمات و الصعاب في كل الأوقات، والحروب و الظروف الحالكة على مدى التاريخ بحلوه و مره ، تخلق عند البشر نوعاً من التحدي و المراجعة لفترات غفلة كان من الصعب مواجهتها في الظروف الطبيعية.
هزت الكورونا البشرية على وجه الكرة الأرضية منذ شهرين مضيا وحتى الآن بكل كيانها ووجدوها ووضعتها أمام مسؤولياتها سواء بالتفكير بابتكارات جديدة تفيد البشرية بالتخلص من هذا الوباء و بنقلها من مرحلة ما قبل الكورونا و الإصابة به الى ما بعد الكورونا و ايجاد العلاج اللازم للشفاء منه.
في التقييمات المستقبلية القادمة سيصبح العنوان العريض هو ” ما قبل الكورونا و مابعد الكورونا” في كيفية تحليل و تفسير الأحداث و مجريات السياسة و الاقتصاد و الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
الكورونا ستسرع باتخاذ كافة القرارات المؤجلة و المتأخرة و العالقة و ايجاد الحلول التي ستسرع حركة الدورة الاقتصادية و ستجعل من الأمور الشائكة التي كان يتم تأخيرها أو تأجيلها لأسباب و تعقيدات عديدة أموراً قابلة للنقاش و الحلول و تجاوز العقبات و المعيقات.
البشرية، ولغاية تاريخ كتابة هذه السطور ، ما بين المصدقة و غير المصدقة أو حتى أنها غير مدركة لما يجري حولها بسبب هذا الوباء، فالبشرية في معظمها في هذا العالم أصبحت حبيسة بيوتها بما يسمى (الحجر الصحي الاستباقي ) لضرورة الحد من انتشار الكورونا في الأماكن العامة والخاصة على حد سواء. و أصبحت حكومات العالم سريعة وجريئة في اتخاذ قراراتها التي تحد من انتشار هذا الوباء مثل الحد من السفر بشكل عام و إغلاق الحدود حرصا على مواطنيها و على الحد من الانتشار المتسارع لهذا الفيروس للسيطرة عليه و بفترات قياسية.
بدون ادنى شك فإن كورونا ستغير العالم ايجابياً و بالاتجاه الصحيح، وستدرك البشرية بعد هذا الجمود في الحياة بكل اشكالها ان لا سبيل لها للخروج من هذا الركود الحياتي الا ان تتجه الى الحياة ثانيةً و بأمل و عزيمة اكبر مما كانت عليه سابقاً، و ان تعمل على بناء معطيات جديدة ثقافية و تكنولوجية و اقتصادية و علمية يغلب على معظمها تفادي الأخطاء الكبيرة التي ارتكبت ما قبل الكورونا، من حروب عسكرية و اقتصادية و سياسية و عنصرية في سبيل السيطرة ليس لها الا تعاسة و شقاء البشرية و استعبادها و عدم السماح لها بالتطور و التعايش فيما بينها.
لا اريد في مقالي هذا الإيهام بحسن نوايا البشرية تجاه بعضها البعض و خاصة السياسيين من اصحاب القرارات الدولية المهمة و لكن ما اريد تسليط الضوء عليه هو إيصال فكرة ان البشرية جمعاء أصبحت على يقين كامل ان العدو الوحيد و المشترك للبشرية هو عبارة عن فيروس اسمه الكورونا الذي هدد بإصابة البشرية جمعاء بجميع انتماءاتها و أعراقها و اصولها من دون تمييز .
على البشرية ان تعلم أن هذا الدرس الكبير الذي لم تخطط للوصول اليه كاد ان يشكل كارثة إنسانية خطيرة و الأمل في عدم تكرارها يبقى كبيرا و الحكمة في استخلاص هذه النتيجة هو تجنب فناء البشرية.