أزمة تل أبيب السياسية مستمرّة

 

الواضح أن اللاثقة كبيرة جداً بين حزبي «الليكود» و«أزرق أبيض» الإسرائيليين، وهي التي تحول دون تأليف الائتلاف الحكومي، وسببها تعذّر الاعتماد على تعهّدات بنيامين نتنياهو، المعروف عنه تراجعه عن تعهّداته وما يلتزم به.

برز في جرعة التفاؤل التي بثّها حزب «الليكود»، ورئيسه نتنياهو، وجزء من الإعلام العبري اليميني، أن الاتفاق بات منجزاً مع رئيس «أزرق أبيض»، بني غانتس، على حكومة يتناوب الطرفان على رئاستها، عام ونصف في الفترة الأولى لنتنياهو وعام ونصف لاحقين لرئاسة بني غانتس، على أن يتولّى الرئيس السابق لأركان الجيش الإسرائيلي غابي أشكنازي (أزرق أبيض)، وزارة الأمن، وغانتس وزارة الخارجية في الولاية الأولى، وتبقى رئاسة الكنيست لدى حزب «الليكود».

لاحقاً، أشار نتنياهو في حديث إعلامي إلى أن الرجل الثاني في «أزرق أبيض»، يائير لابيد، يعمل على إفشال تأليف حكومة وحدة ونسف ما جرى التوصل إليه من اتفاقات، إذ يرفض لابيد، إلى جانب وزير الأمن السابق موشيه يعلون، مبدأ التناوب مع نتنياهو وتولّيه رئاسة الحكومة أوّلاً، ويشدّدان على ضرورة أن يتولى بني غانتس المنصب أولاً. وسبب تشدّدهما في هذا الموقف هو أنه لا قيمة لأي تعهّد يصدر عن نتنياهو، وهو ما يشهد عليه تاريخه السياسي.

حتى أمس، لم تكن النتيجة النهائية لاتفاق تأليف حكومة وحدة وطنية قد اتضحت بشكل كامل، وإن كانت النتيحة متجاذبة بين سيناريوين: الإعلان عن فشل المفاوضات بعد أن يرضخ الثنائي غانتس – أشكنازي لموقف الثنائي في الائتلاف نفسه، لابيد – يعلون، أو الإعلان عن تأليف ائتلاف بين «الليكود» وما يتبقّى من «أزرق ــ أبيض» بعد فرط عقده وتفكيكه.

في حال الفشل، يرى عدد من المعلّقين الإسرائيليين أن الأمر مرجّح، فلن يكون السبب هو فقط ضغوط لابيد – يعلون، بل أيضاً عدم الوثوق بوعود نتنياهو والتزامه بأي اتفاق يمكن التوصّل إليه معه.

فتجربته ومفاوضاته مع وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني، ورئيس «الاتحاد الصهيوني» يتسحاق هرتسوغ، لتأليف حكومة وحدة وطنية في أيار 2016، وبالرغم من كفالة وزير الخارجية الأميركي في حينه جون كيري، والعاهل الأردني عبد الله، وكذلك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فإن نتنياهو عاد وتراجع عن الاتفاق في الساعات الأخيرة، ليتوصل إلى اتفاق آخر مع أفيغدور ليبرمان بدلاً من «الاتحاد الصهيوني».

أمّا بما يتعلّق بفترة التناوب، وتحديداً مدّة السنة والنصف، فقد ذكرت صحيفة «هآرتس»، نقلاً عن «سياسيين كبار»، قولهم إن تعهّد نتنياهو الحاسم بمغادرة منصبه يخفي خطّة مختلفة، وهي أن يترشّح لمنصب الرئاسة الإسرائيلية بعد مغادرة رؤوفين ريفلين منصبه في شهر حزيران 2021، إذ إنه «المنصب الوحيد الذي يمكن أن يمنح نتنياهو حصانة كاملة من الملاحقة القضائية لمدّة سبع سنوات»، علماً بأن التوقيت يقع ضمن فترة التناوب التي يفترض أن تنتهي في أيلول 2021.

إضافة إلى موضوع عدم الثقة بنتنياهو، فإن واحداً من أهم الأسباب الضاغطة على غانتس للتراجع، هو إمكان تفكيك حزبه. ففي حديث صحيفة «معاريف»، مع مصدر رفيع في «أزرق – أبيض»، سُئل إن كان هناك أي احتمال في تماسك التحالف إذا انضم غانتس إلى حكومة يقودها نتنياهو في البداية، قال المصدر إن الوضع أكثر تعقيداً مما بحاول رئيس الحكومة إظهاره و«نتنياهو لا يريد حكومة وحدة، بل مشغول بتقويض الديمقراطية، بدلاً من العمل بجدّية نحو الوحدة». وأضاف: «التفويض لتأليف الحكومة أسند إلى غانتس، وجميعنا (في أزرق أبيض) نقف خلفه لتحقيق ذلك».

إلى ذلك، يبثّ حزب «أزرق ــ أبيض» إشارات عملية إلى أنه غير معني كثيراً باقتراحات نتنياهو للتناوب، ويمضي قدماً في مواصلة عملية انتزاع السيطرة على رئاسة الكنيست من «الليكود»، بعدما قرّرت المحكمة إلزام رئيسه بولي أدليشتاين، الذي يرفض عقد جلسات بحجج مختلفة، عقد جلسة انتخاب رئيس جديد للكنيست الأربعاء المقبل، في ظل أغلبية تضمن انتزاع المنصب من نتنياهو، ما يسهّل لاحقاً السيطرة على معظم اللجان فيه، وكذلك المضيّ قدماً في اقتراح قانون يمنع المتّهم الجنائي من الترشّح لرئاسة الوزراء وكذلك العمل بوصفه وزيراً فيها.

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى