هل يلجأ ترامب إلى خيار إعلان حالة الطوارئ وتفعيل الأحكام العرفية؟

 

مع كل إطلالة يومية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، يرتفع نذير الشؤم عند المختصين والعامة على السواء، لما سيحمله من أنباء تتسارع كارثيتها على المستوى الإنساني والشعبي، ولا سيما عقب وفاة أحد المصابين بكورونا بعد تلقيه جرعة منزلية من دواء “chloroquine phosphate” بنصف ساعة، بعد أن أعلن ترامب متسرعاً على شاشات التلفزة عن فعاليته في مكافحة الفيروس، وذلك على النقيض من إرشادات الأوساط الطبية والاختصاصيين في الأمراض المعدية.

كما يزداد منسوب القلق العام من توجّه الحكومة المركزية إلى فرض حظر تجول شامل، واستغلال جائحة كورونا وحالة الرعب الجمعية المواكبة لها، وتطبيق إجراءات أمنية غير مسبوقة، تذكّر بالأحكام العرفية والقوانين العسكرية التي طبقتها الطغمة العسكرية في تشيلي عقب الانقلاب على حكومة الرئيس الليندي المنتخبة في أيلول/سبتمبر 1970.

اشتداد الضغط على الموارد الطبية والعلاجية المحدودة حفّز حكام عدد من كبرى الولايات الأميركية على توسل وزارة الدفاع لتوفير بعض الاحتياجات الماسّة من ترسانتها في طب الميدان.

وزير الدفاع مارك أسبر خيّب آمال المحتاجين من مسؤولين ومصابين، بزعمه أن البنتاغون “ليس لديه القدرة على الاستجابة لكلّ ما يطلب منه”، مستدركاً أن أقصى ما يمكنه الوفاء به هو توفير سفينتين على متنهما مستشفيات عائمة لكل من مدينة سياتل، عاصمة ولاية واشنطن في أقصى غرب البلاد، ومدينة نيويورك على الساحل الشرقي. وسيستغرق تأهيل المستشفيين العائمين بطاقة 248 سريراً 72 ساعة على الأقل، وفق حسابات رئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميللي.

تباطؤ المؤسسة العسكرية في الزجّ بإمكانياتها العالية لمكافحة الوباء السريع الانتشار، لا يتّسق مع مهامها أو أولوياتها، بل قد يشي بما هو أبعد من ذلك، كمهمة متبلورة يجري العمل على إنجازها.

خشية من لجوء ترامب إلى التشبّث بمفاصل السلطة

تم الكشف حديثاً عن سلسلة قرارات قضائية يجري الإعداد لها، استكمالاً للإجراءات الرئاسية في أوقات الطوارئ، والتي ستتّخذ مفعول القانون.

تقدَّمت الإدارة إلى الكونغرس عبر وزارة العدل للموافقة على صلاحيات استثنائية تتيح لها اعتقال من ترى اعتقاله ضرورياً، من دون اللجوء إلى استصدار تفويض قضائي بذلك، ومن ثم حرمان الموقوف/المعتقل من المثول أمام القضاء حسبما تنص عليه المواد الدستورية التي تكفل حق المتهم بالمثول والدفاع عن نفسه (“بوليتيكو” 21 آذار/مارس 2020).

وطالبت المذكّرة المقدمة إلى الكونغرس بتفويض وزارة العدل، أو من تخوله القيام بتلك المهمة، الطلب من قاضٍ رفيع المستوى اعتقال شخص/أشخاص لفترة زمنية غير محددة من دون محاكمة، “وفق قوانين الطوارئ.. وتعليق جلسات المحاكم العادية، نظراً إلى ظروف الكوارث الطبيعية، والاعتصامات المدنية، أو أي حالة طوارئ تصنّف بهذا الشكل”.

وذهبت صيغة بعض المواد المقدّمة إلى أبعد من ذلك، فطلبت تفويضاً بتقييد حركة دخول المهاجرين، وحرمان أولئك المصنفين على لائحة الممنوعين من السفر من حق طلب اللجوء السياسي في الولايات المتحدة، وتعديل النصوص السارية حالياً لاستثناء المصابين بفيروس كورونا من التقدم أيضاً بطلبات للجوء السياسي.

وفي هذا الصدد، عبّر المدير التنفيذي لنقابة محامي الدفاع الوطنية الأميركية، نورمان رايمر، عن عميق قلق نظرائه المحامين ورجالات القضاء من أوضاع مرئية تستطيع فيها الأجهزة الرسمية “اعتقال أيّ شخص وعدم مثوله مطلقاً أمام القضاء لحين إقرارها بانتهاء حالة الطوارئ أو نفاذ العصيان المدني. ينبغي لنا توخّي أقصى درجات الحذر من منح الدولة صلاحيات استثنائية”.

ارتفعت في الآونة الأخيرة نداءات تحذر من تطبيق الأحكام العرفية في الولايات المتحدة، والتي لم تعد ترفاً فكرياً بين الأوساط الأكاديمية. النشرة العسكرية المختصّة “ميليتاري تايمز” مهّدت للأمر بسردها تعريفاً، وفق الصيغة الأميركية، كما جرى في السابق إبان الحرب العالمية الثانية بفتح معتقلات جماعية للأميركيين من أصول يابانية، بأن الأمر ينطوي على “تعليق تطبيق الحقوق المدنية ربما، ومنها الحق في عدم التعرض للتفتيش، وإلقاء القبض، وحرية التجمهر، وحرية الحركة، وكذلك حرية مثول المتهم أمام القضاء”. (17 آذار/مارس 2020).

في الماضي القريب، أعلن الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت تفعيل الأحكام العرفية إبان الحرب الكونية الثانية، دشّنها بفتح معسكرات اعتقال جماعية، اضطرّت المؤسسة الحاكمة بعد نحو نصف قرن إلى تقديم الاعتذار إلى الضحايا وتعويضهم مالياً.

الرئيس هاري ترومان أعلن حالة الطوارئ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1950 إبان الحرب على كوريا وتجزئتها، وبقيت سارية المفعول لمن خلفه من الرؤساء، واستخدمت كأساس قانوني لأسلافه خلال الحرب الأميركية على فييتنام.

كما طبّق الرئيس الأسبق جورج بوش الابن الأحكام العرفية عقب هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، عبر تعزيز الأجهزة جهود التنصّت والتجسس الداخلي المكثفة وممارسة التعذيب.

الرئيس دونالد ترامب استغل صلاحيات الطوارئ لإرسال بضعة آلاف من القوات العسكرية “لتعزيز إجراءات حراسة الحدود الجنوبية” مع المكسيك في العام 2018، وتهديد المهاجرين بمصادقته على منح تلك القوات صلاحيات إلقاء القبض على القادمين إلى الأراضي الأميركية، وحظره السفر على مواطني الدول الإسلامية.

يجمع الاختصاصيون في القانون الأميركي على عمق استهتار ترامب بالقيود الدستورية النظرية المفروضة على صلاحيات الرئيس، وميله إلى استخدام حقه بإصدار “أوامر رئاسية”، عوضاً عن الالتزام بالأحكام الدستورية، وهم يخشون من نزعته واستسهاله إعلان حالة الطوارئ في البلاد، ما سيعلق تلقائياً القوانين المدنية السارية، ويؤدي إلى تطبيق “نظام قضائي موازٍ يخوّل الرئيس القفز على القيود والمعوقات السارية”.

ويضيف هؤلاء الخبراء أنه بمجرد إعلان ترامب حالة الطوارئ، وهي إحدى صلاحياته الدستورية، فباستطاعته استغلال ما لا يقل عن “100 مادة وصلاحيات خاصة” يستند إليها وفق الدستور، وتطبيقها كيفما شاء، منها على سبيل المثال “وقف عمل عدد من وسائل الاتصالات الإلكترونية في داخل الأراضي الأميركية، أو تجميد أرصدة المواطنين في المصارف الأميركية، ونشر قوات عسكرية للسيطرة على الاعتصامات المدنية”.

وأكثر ما يخشاه بعض الاختصاصيين هو لجوء الرئيس ترامب إلى التشبّث بمفاصل السلطة، عبر تطبيق الأحكام العرفية في حال شعوره بخسارته الانتخابات الرئاسية، واستغلاله نصوص القانون الخاص بوضع الحرس الوطني تحت إمرته المباشرة، من “دون موافقة حكام الولايات المعنية” (قانون تفويض الدفاع الوطني للعام 2006، وقانون الطوارئ للعام 1976).

من عوامل القلق أيضاً، تلميح الرئيس ترامب إلى تفعيل اقتصاد الحرب عبر قانون الإنتاج الدفاعي المصادق عليه في الخمسينيات من القرن الماضي إبان عهد الرئيس هاري ترومان، والقاضي بتوجيه آليات الإنتاج إلى مواد بعينها تحتاجها البلاد، لكنه لم يلجأ إليه، على الرغم من مطالبة المرافق الصحية والطبية بشكل خاصّ بالضغط على “شركات الإنتاج” لتوفير نحو “60000 حزمة فحص” للوقاية من الوباء، وما لا يقل عن 500 مليون قناع واقٍ، وفق تطمينات وكالة إدارة الطوارئ الأميركية التي سرعان ما تبخّرت بعد رفض الرئيس تفعيل القانون أعلاه.

في الخلفية، الجهة التي ستتحمّل الكلفة المالية جراء تفعيل القانون. ترامب يناور لتحميل أجهزة الولايات المحلية كلفة الأجهزة والموارد المطلوبة، من دون اللجوء إلى صرف أموال حكومية مقابلها، والولايات تطالب الدولة بممارسة مهامها في ظروف استثنائية ورفدها بما تحتاجه لمكافحة الوباء.

من ناحية أخرى، لا يرغب الرئيس ترامب في ممارسة ضغوط على كبرى شركات الإنتاج، ولا سيما قطاع السيارات، في تحويل منشآتها لإنتاج كمامات واقية وموارد أخرى، لما ينطوي عليه من كلفة إضافية للمصانع، فضلاً عن المدة الزمنية المطلوبة لإنتاج موارد جديدة قد تستغرق بضعة أشهر. (“واشنطن بوست” 25 آذار/مارس).

توجّه رئيس إدارة الطوارئ، بيتر غاينور، متوسلاً إلى حكام الولايات والهيئات المحلية للتصرف بمفردهم لسد الحاجات المحلية من السوق، قائلاً: “نناشد كل حكام الولايات – إن استطعتم تحديد توفر ما تحتاجونه من السوق، اشتروه على الفور.. سنفعّل قانون الإنتاج الدفاعي كوسيلة ضغط عند الحاجة”.

بادر نحو 1400 اختصاصي في علم الأحياء والصحة العامة إلى تقديم عريضة تطالب الرئيس ترامب بتفعيل قانون الإنتاج الدفاعي السالف الذكر، لتوفير ما يحتاجه القطاع الصحي من موارد وإمكانيات فورية. وقالت رئيسة المجموعة ميلدريد سولومون إن على القيادة السياسية “التصرف بعقلية الحرب، وينبغي على الحكومة الفيدرالية تصدّر المبادرات” (“بوليتيكو” 24 آذار/مارس).

يزعم الرئيس ترامب أن إرجاءه تفعيل العمل بالقانون يعود إلى خشيته من “حل اشتراكي.. بلدنا واقتصادنا لا يستندان إلى تأميم الشركات. مبدأ التأميم ليس محبباً” (مقابلة مع شبكة “سي-سبان” 22 آذار/مارس). ما لم يقر به الرئيس ترامب أن أي شركة أو مؤسسة تخضع لتطبيق القانون المذكور لن تفقد ملكيتها أو سيطرتها على مواردها.

تخلّف الرئيس ترامب عن تفعيل القانون جاء ثمرة ضغوط كبيرة من قبل “غرفة التجارة الأميركية وكبار رؤساء الشركات”، حسبما أفادت يومية “نيويورك تايمز” في 22 آذار/مارس. وجاء في تصريح لنائب رئيس الغرفة التنفيذي، نيل برادلي، أن “التحدي الأساسي هو الحاجة إلى إنتاج مواد متطورة ليس بالمستطاع توفيرها من دون الاستثمار في معدات مختصة، والتي قد لا تتوفر بسهولة”.

الحل العسكري

إعلان الأحكام العرفية قد يكون قاب قوسين أو أدنى، لما ينطوي عليه من فوائد تخصّ مستقبل الرئيس ترامب، الذي سيكون بمقدوره الاستمرار في الحكم متحرراً من قيود “الديموقراطية والمشاركة والمساءلة الصورية”، مستنداً إلى صلاحياته الدستورية، وإلى فعالية القوات المسلحة أيضاً، بصفته قائدها الأعلى.

ترامب ليس وحيداً في نظرته إلى تفعيل الحرس الوطني الذي يبلغ تعداده نحو 450000 عنصر، إذ انضم المرشح الرئاسي الخصم جو بايدن “للمطالبة الآن باستخدام القوات العسكرية”، لتعزيز جهود مكافحة فيروس كورونا خلال المناظرة الرئاسية الأخيرة مع منافسه بيرني ساندرز.

وزير الدفاع الأميركي، مارك أسبر، أعلن بدوره عن تفعيل الرئيس ترامب للحرس الوطني في ولايتي نيويورك وواشنطن في 22 آذار/مارس، مستدركاً أنها “ليست خطوة باتجاه إعلان حالة الطوارئ، كما يخطئ البعض بزعمه”.

يشار إلى أن الرئيس الأسبق دوايت آيزنهاور تسلّم صلاحية التصرف بقوات الحرس الوطني في العام 1957 لمرافقة الطلبة السود دخول صفوفهم الدراسية عند بدء سياسة كسر التفرقة العنصرية في سلك التعليم، وكذلك فعل الرئيس ليندون جونسون في العام 1965، بنشر قوات الحرس الوطني “لحماية تظاهرة من أجل الحقوق المدنية” من ردود فعل العنصريين البيض المدججين بالأسلحة. ونشر الرئيس الأسبق جورج بوش الأب القوات المسلّحة لإخماد الاحتجاجات الشعبية في مدينة لوس أنجلوس عقب تبرئة القضاء جهاز الشرطة المحلية في قضية رودني كينغ. (نيسان/أيار 1992).

“كلية الحرب” التابعة للجيش الأميركي مهّدت لدور القوات المسلحة عبر دراسة وضعتها في العام 2008، في سياق دراسة عدد من الاحتمالات والأزمات والكوارث قد تواجه المجتمع الأميركي، إحداها أن الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة “قد تؤدي إلى انتشار عصيان مدني شامل، ما سيستدعي استخدام القوات العسكرية” لإخماده واستتاب الأمن.

كما أجرت جامعة الدفاع الوطني تمارين نظرية على تسلّم القوات المسلحة دفّة إدارة البلاد، منها عبر انقلاب عسكري تقليدي عقب فشل أجهزة الدولة في القيام بمهامها (وفق فرضية الدراسة)، في وثيقة بعنوان “أسس الانقلاب العسكري الأميركي للعام 2012″، اشتهرت لاحقاً باسم مؤلفها العقيد شارلز دنلاب.

أحد استنتاجات “وثيقة دنلاب” لا يزال صداه حاضراً في أذهان المعجبين بما يسمى “الدولة العميقة”، جاء فيها: “[…] خرجت القوات المسلحة من حرب الخليج (المقصود هو العام 1991) كأكبر ذراع أميركية مؤتمنة، وربما الوحيدة، لإدارة شؤون البلاد” بفعالية واقتدار.

اللافت أيضاً توصية لجنة القوات المسلّحة في مجلس الشيوخ للبنتاغون أثناء مناقشة ميزانية الدفاع للعام 1993 بالمراهنة على دور أمني داخلي للقوات المسلّحة بالقول: “[…] مناخ ما بعد الحرب الباردة يقضي بتسلم القوات المسلحة فرصاً أكبر بكثير من السابق لمساعدة الجهود المدنية في مكافحة عقبات داخلية حساسة”. (شهرية “ذي أتلانتيك” كانون الثاني/يناير 1993).

خبراء القانون الدستوري يؤكدون أن “الدستور الأميركي لا يمنع مشاركة القوات المسلحة (البنتاغون) في مهام أمنية موازية لمهام أجهزة الشرطة المدنية”.

ويوضح أولئك أن “القرارات الرئاسية إبان الطوارئ… تخوّل تفعيل الأحكام العرفية، وتعليق جهاز القضاء برمّته، وإلغاء جوازات السفر الممنوحة للأميركيين، واعتقال من يرى مكتب التحقيقات الفيدرالي أن لهم نشاطات هدامة”، وهي عبارة عن قائمة بيانات تتضمن ما لا يقل عن 10000 عنصر مدرج فيها تحت بند “المؤشر الأمني”، الذي لا يزال ساري المفعول بتعريف مختلف “العصب الأساسي Main Core”.

حساب الانتخابات

في ظل نظام “ديموقراطي”، يصعب على المرء العادي استساغة تطبيق الأحكام العرفية وما ينطوي عليها من إجراءات، بيد أن الوثائق المتاحة تشير إلى تكليف إدارة الرئيس الأسبق رونالد ريغان لعضو مجلس الأمن القومي آنذاك، أوليفر نورث، بالعمل الوثيق، وبصورة سرية، مع “وكالة إدارة الطوارئ” على بلورة خطة طوارئ تقضي “بتعليق الدستور، وتحويل إدارة البلاد لوكالة الطوارئ، وتعيين طواقم عسكرية لإدارة الحكومة المركزية والأجهزة المحلية في الولايات المختلفة، وإعلان الأحكام العرفية…” (يومية “ميامي هيرالد” 1987).

علاوة على ذلك، أشارت وثيقة صادرة عن وزارة الأمن الداخلي للعام 2007 إلى أهمية تفعيل “الأحكام العرفية… وإعلان حظر التجول كمهام حيوية” ينبغي النظر فيها واعتمادها من قبل الأجهزة الفدرالية والمحلية على السواء.

في ظل تلك الظروف الاستثنائية، بوسع الرئيس ترامب تفعيل “نظام الإنذار الرئاسي” الذي جرت تجربته في العام 2018، ما يسمح له بإرسال رسالة نصية إلى كل هاتف محمول يحذر فيه من أي خطر يراه مناسباً، حقيقياً أو مفتعلاً. وقد يذهب به الأمر إلى استخدامه بكثافة خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولا سيما إن شعر بتراجع حجم الأصوات المؤيدة له، كما يذهب بعض المسؤولين السابقين في قراءة ترامب.

وتتعزّز مخاوفهم من حقيقة لجوء الرئيس إلى ذاك الإجراء، وخصوصاً أن الضوابط القانونية لا يمكن اللجوء إليها عبر القضاء إلا بعد وقوعها، وما قد يعترضها من عقبات إن قرر ترامب إعلان الحكام العرفية وحالة الطوارئ.

أمام تلك الحالة المستجدة باللجوء إلى المحكمة العليا للبت في تجاوز الرئيس صلاحياته الدستورية، فإن الجو العام وموازين القوى الراهنة لسلك القضاء والعليا بشكل خاص، تميل إلى تفضيل تفسير السلطة التنفيذية في قضايا “الأمن القومي”، كما شهدنا في اصطفافها إلى جانب الرئيس في فرض حظر على سفر مواطنين من دول إسلامية، وتأييد العليا أيضاً قرار افتتاح معسكرات اعتقال للأميركيين من أصول يابانية خلال الحرب العالمية الثانية.

لا يستبعد المراقبون (في حالة عدم السيطرة القريبة على انتشار كورونا) لجوء الرئيس ترامب إلى توظيف إعلان الحرب على فيروس كورونا، أسوة بقرار بوش الابن إطلاق حربه على الإرهاب، وتمديد المهلة لتتزامن مع موعد الانتخابات الرئاسية، “للتأثير في نتائجها”، متسلحاً بتوجه القضاء والمحكمة العليا إلى الاتعاظ بإجراءات الطوارئ، ما يتيح للرئيس ترامب السعي إلى تأجيل الانتخابات، لتكون فرصة “لتمديد” ولايته لفترة زمنية غير محددة في حال استشعر بخسارته الانتخابات المقبلة.

المياديت نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى