حكاية (البويجي) في حي الشعلان بدمشق!
خاص باب الشرق
بقيتْ ساعة على حلول منع التجول بدمشق، عندما شاهدتُه ، يحمل صندوق البويا، ويدور، لا يعرف ماذا يفعل. قمت بتصويره، فأثرت انتباهه. اقترب مني محتجاً، ورجاني أن أقوم بمحي الصورة.
أخبرته أن المسألة تتعلق بالصحافة، وبأني لن أسيء له، فأعاد الرجاء:
ــ أرجوك !
ولأن هذا حقه، قمت بحذف الصورة، وسألته :
ــ أريد أن أعرف كيف هي حال مهنة (البويجي) في هذه الظروف ؟!
فقال بصراحة :
ــ توقف كل شيء !
ــ كيف ؟
ــ أمس لم أشتغل إلا بمئتي ليرة . اشتريت خبزاً وذهبت إلى البيت ، واليوم لم أشتغل بشيء!
أثارتني هذه الوقائع، ففي الحياة الطبيعية التي كنا نعيشها، كان المعروف أن دخل العاملين في هذه المهنة مقبولاَ، حتى لو كانوا أطفالاً، فأحببت أن أقارن بين الحالتين، ولذلك سألته:
ــ كيف كان الدخل الذي تجنيه قبل موجة وباء كورونا؟ فقال :
ــ ثلاثة آلاف ، أو أربعة آلاف، وأحيانا أجني ألفين ..
ــ وماذا تفعل لتغطي النقص في حاجياتك هذه الأيام ؟
ــ أصرف مما ادخرته ، ولكن ليس معي الكثير .
عرضتُ عليه المساعدة ، فرفض، رفض بطريقة جازمة :
ــ لا أبداً .
وتركني، ومشى..
راقبته ، وهو يعبر الشارع، الذي بدأت تختفي الحركة فيه . كان يتجه نحو حديقة السبكي ، وكان ثمة أمل ما يصحبه ، ترى هل سيأتي شخص ما قبل منع التجول، ويتذكر أن عليه تلميع حذاءه !!