انهيار قياسي لليرة التركية بعد رفض الفيدرالي الأميركي اتفاق مقايضة
هوت الليرة التركية اليوم الخميس إلى مستوى منخفض قياسي عند 7.25 ليرة للدولار مواصلة خسائرها في وقت ارتفع فيه اليورو بعد ثلاثة أيام من الانخفاض، ما دفع حكومة العدالة والتنمية لاتخاذ قرار فوري يوقف التعامل مع بعض البنوك الأجنبية، في خطوة عبرت عن مستوى التدهور الغير مسبوق الذي وصله الاقتصاد التركي.
وتجاوزت الليرة التركية بهذا الهبوط القياسي أضعف مستوى لها عند ما يقرب 7.24 والذي كانت سجلته في آب/أغسطس من عام 2018.
ويعني هذا الانخفاض الغير مسبوق خسارة الليرة لأكثر من 20 بالمئة من قيمتها منذ بداية العام.
ويأتي هذا السقوط المستمر لليرة التركية منذ أسبوع، بعد استبعاد أحد صانعي السياسات في مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) احتمالات تمديد المركزي لخط مبادلة عملة مع أنقرة.
وكان رئيس بنك ريتشموند الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، توماس باركين، قد استبعد إمكانية قبول طلب اتفاقية مقايضة (SWAP) مع تركيا، قائلا إن الفيدرالي الأميركي يبرم اتفاقيات المقايضة مع الدول التي تجمعه بها “ثقة متبادلة”.
وأضاف باركين أن الإمكانات التي يقدمها الفيدرالي الأميركي للبنوك المركزية الأجنبية تهدف إلى خلق حالة من الاستقرار بالأسواق، مشيرا إلى أن البنك لم يتأسس لتوفير الموارد وأن بإمكان تركيا استخدام إمكانية اتفاقيات إعادة الشراء ليوم واحد في الوقت الحالي.
وقالت وكالة “بلومبيرغ” في وقت سابق إن البنوك الحكومية في تركيا أغرقت السوق بالدولار وقيّدت الهيئة التنظيمية المصرفية وصول المستثمرين الأجانب إلى الليرة التركية في محاولة لمنع تدهورها أكثر، لكن كل تلك المحاولات لم تجد نفعا وفشلت مع ارتدادات أزمة انتشار فيروس كورونا.
الليرة التركية تخسر 20 بالمئة من قيمتها منذ بداية العام لتتجاوز أضعف مستوى لها كانت سجلته في آب/أغسطس من عام 2018
وتمتلك تركيا أكثر من 168 مليار دولار من ديون العملات الأجنبية المستحقة على مدى الأشهر الـ12 المقبلة، وتعتمد على التمويل الخارجي لتجديد هذه الالتزامات، بحسب “بلومبيرغ.
ومع ذلك، سحب المستثمرون الأجانب أكثر من ثمانية مليارات دولار من أسواق السندات والأسهم بالعملة المحلية هذا العام، وتسارعت التدفقات الخارجية وسط تداعيات وباء فيروس كورونا، ما أدى إلى تراكم الضغط على العملة.
وطلبت البنوك المركزية لبعض دول العالم مقايضة من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، غير أن محدودية احتياطيات النقد الأجنبي للبنك المركزي التركي بالإضافة إلى الدعوى المرفوعة في المحاكم الأميركية ضد بنك “خلق” التركي الحكومي بتهمة خرق العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، تجعل واشنطن تمتنع عن مساعدتها.
ولتدارك الهبوط القياسي لليرة ألقت الهيئة المسؤولية عن تنظيم المصارف التركية باللوم على بعض المعاملات المصرفية التي تؤثر على أسعار الصرف ووصفتها بأنها “استغلالية ومضللة”.
وحذرت الهيئة من نشر أية معلومات مضللة أو شائعات عبر الإنترنت أو أي منصة أخرى بشأن أسعار صرف العملات الأجنبية.
واتّهمت أنقرة بعض المؤسسات المالية التي تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرا لها، بمواصلة محاولات شن هجمات لإضعاف الليرة أمام الدولار.
وقالت وكالة الأناضول التركية الرسمية إن بعض المؤسسات المالية في لندن تقوم بشراء العملات الصعبة من السوق دون أن يكون لديها سيولة من الليرة التركية، مشيرة إلى أن هذه المؤسسات قامت بهجمات ضد الأسواق التركية، متجاهلة قواعد السوق الحرة، بالتزامن مع لقاء وزير الخزانة والمالية التركي بيرات ألبيرق مع عدد من المستثمرين الدوليين الأربعاء.
وفي محاولة لتهدئة المستثمرين، تحدث ألبيرق أمس عن خطوط تمويل محتملة مع بعض دول مجموعة العشرين، غير أنه لم يذكر تفاصيل محددة.
وأكد ألبيرق على أن احتياطيات البنك المركزي “كافية”، مستبعدا الاقتراض من صندوق النقد الدولي.
وردا على ما اسمته بـ”التلاعب” فرضت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية حظرا على معاملات 3 بنوك أجنبية.
وأوضح بيان صادر عن الهيئة، الخميس، أنها ملتزمة باتخاذ جميع أنواع القرارات والإجراءات اللازمة لضمان الأداء الفعال لنظام الائتمان، ومنع جميع أنواع الممارسات التي تتسبب في أضرار حقوق المدخرين وفي الاقتصاد.
وأضاف البيان أنه بموجب المادة 93 من القانون المصرفي رقم 5411، تم فرض حظر على معاملات ثلاثة بنوك أجنبية مع البنوك التركية.
وأشار أن البنوك المحظورة تأسست خارج تركيا، وهي “بي إن بي باريبا” (BNP Paribas SA)، و”سيتي بنك” (Citibank NA)، و”يو بي إس” (UBS AG).
ونقلت الأناضول عن مصادر لم تسميها أن هذه المؤسسات لم تف بالتزاماتها تجاه البنوك التركية من الليرة مقابل العملات الصعبة التي اشترتها.
وحذر خبراء اقتصاديون مرارا من السياسة الخاطئة التي تتبعها حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لانقاذ الليرة والاقتصاد المتدهور، فيما اتجهت أغلب الانتقادات لبيرات ألبيرق (وهو صهر أردوغان) لانتهاجه سياسة مالية غير مجدية زادت فقط في حجم التضخم وأضعفت الليرة أكثر.
يذكر أن أغلب العملات سجلت ارتفاعا طفيفا اليوم الخميس حيث ارتفع اليورو إلى 1.0808 دولار، لكنه لم يبتعد كثيرا بعد عن أقل مستوى في أسبوع ونصف الذي سجله أمس الأربعاء عند 1.0782.
وارتفع الاسترليني مقابل اليورو والدولار بنسبة 0.4 بالمئة بعد أن أحجم بنك انكلترا عن مزيد من إجراءات التحفيز.
وارتفع الدولار في أحدث تعاملات بنسبة 0.2 بالمئة أمام الين مسجلا 106.31 ين بعد أن انخفض أمس الأربعاء إلى 105.985 ين وهو أدنى مستوى منذ منتصف مارس/آذار.
وصعد الدولار الأسترالي في أحدث تعاملات بنسبة 0.8 بالمئة مسجلا 0.6473 دولار أمريكي.
ميدل إيست أونلاين