أيّامٌ قبل انطلاق حوار بغداد ــ واشنطن: طهران تترقّب

 

إنّه حزيران/يونيو المرتقب. أيّامٌ معدودات وينطلق الحوار العراقي ــ الأميركي الاستراتيجي، الذي رُوّج له منذ مطلع العام الجاري عبر بغداد وواشنطن، ويدعو إلى «إطلاق حوار موسّع بين الجانبين»، تُرسم به حدود العلاقة الثنائية، في ضوء التحوّلات والتطوّرات الأخيرة التي عصفت في العالم والمنطقة والعراق، وتحديداً منذ اغتيال القوّات الأميركيّة قائد «قوّة القدس» في «حرس الثورة» الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، ورفاقهما، مطلع العام الجاري، في محيط مطار بغداد الدولي.

وفق أكثر من مصدر سياسي، سيكون الحوار منطلَقاً لتوقيع اتفاقيّة جديدة، ويستند بدرجة كبيرة إلى القرار البرلماني الصادر في كانون الثاني/يناير الماضي، الذي ألزم الحكومة الاتحادية بجدولة انسحاب القوات العسكرية الأجنبية المنتشرة على طول الخريطة. مصادر سياسية بارزة، أخرى، أكّدت، في حديث إلى «الأخبار»، أن «البند الأوّل للحوار هو انسحاب القوات العسكريّة الأجنبيّة، وتحديداً الأميركيّة، بمعزل عن مسمياتها، وتحديد نقاط انتشارها وعديدها ودورها في المرحلة المقبلة»، وهو مطلبٌ يحظى بموافقة مسبقة من الجانبين.

فوق ذلك ثمة نقاط سياسيّة واقتصاديّة وأمنيّة سيناقشها الجانبان، لكنّها تأتي بدرجة أقلّ في الأهميّة، لكنّها ستكون جزءاً الاتفاقيّة المرتقبة، والمشابهة لناحية التبعات لاتفاقية «الإطار الاستراتيجي» (المعنية بتنظيم عملية التعاون العسكري والأمني بين العراق والولايات المتحدة) والموقّعة في تشرين الثاني/نوفمبر 2008، ما يعني إعطاء الحكومة الاتحادية، ورئيسها مصطفى الكاظمي، دافعاً قويّاً وإنجازاً لتجربة يؤمّل أن يُراهن عليها، وتحديداً في الشقّ المتعلّق بدوره في وساطة «غير مباشرة» بين طهران وواشنطن، عدا تعزيز موقعه في «البيت السياسي العراقي» عموماً، و«الشيعي» خصوصاً.

من المفترض أن تنطلق الجولة الأولى في العاشر من الجاري، عن طريق «الفيديو كول»، في وقت تجهد فيه الحكومة العراقيّة في ضبط انتشار فيروس كورونا، علماً بأنّها تواجه مشكلتين أساسيتين في هذا الإطار: الأولى رفض فئات اجتماعيّة واسعة التوجيهات الرسميّة، والثانية ضعف بنية الدولة الصحيّة في مواجهة الفيروس. وبالعودة إلى الجولة الأولى، الممتدة لأيّام، سيكون لافتاً فيها غياب وزير أصيل للخارجية العراقيّة. هذه الحقيبة يتابعها اليوم الكاظمي مباشرة، في وقت يُرجّح فيه أن تُسند إلى «البيت الكردي»، لكنّ الأخير لم يحسم خياره، مفضّلاً حقيبة النفط.

ورغم إعلان البرلمان العراقي أمس معاودته استئناف جلساته الاعتيادية غداً الأربعاء، فإنّها تخلو من التصويت على ما تبقى من «الكابينة الوزارية»، رغم الترجيحات السابقة بأن الكاظمي سيملأ الشغور قبل إجازة عيد الفطر الماضي. شغور الحقائب السبع (بينها سياديّتان: الخارجيّة والنفط) مردّه إلى خلافات «عميقة» بين القوى السياسية، وأبرزها محاولة بعضها الظفر بـ«النفط» (من حصّة «البيت الشيعي»، وتحديداً من محافظة البصرة، ويبرز أيضاً دور إماراتيّ خفيّ في تعويم مرشح يحظى بعلاقات طيّبة مع الشركات النفطية العاملة في دبي وأبو ظبي)، وهذا ما يحاول الكاظمي الحد منّه، ساعياً إلى «تدوير الزوايا وحل الخلافات».

في السياق أيضاً، ثمة من ينقل أن طهران ترحّب بهذا الحوار إن أسفر عن «بسط الحكومة العراقيّة سيادتها على كامل أراضيها»، خاصّةً أن الانسحاب «السلس» للقوات الأميركية هو مطلب واشنطن، ويحظى بقبول من حلفاء طهران، رغم اقتناع كثيرين بضرورة «تفعيل» العمل المقاوم، علماً بأن قوى عراقيّة أخرى ترفض ذلك. فإيران، إن رحّبت، فذلك لا يعني «الاطمئنان» إلى التوجّهات الأميركيّة، بل يوجب الانتظار واستطلاع مآلات الأمور و«الصيغة النهائية للاتفاقيّة» ثم إصدار حكم عليها، لكنّ في «الحد الأدنى» المتداول حاليّاً، أي انسحاب القوات العسكريّة الأميركية أو ضبط انتشارها، ثمة ما يدعو إلى «تفاؤل محدود… وراهن».

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى