واشنطن وحيدةً بين حلفائها: موسكو وبكين تضحكان في سرّهما
انتقلت واشنطن إلى مستوى أعلى من العدائية في مواجهة طهران، بإعلانها، أول من أمس، إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة من جانب واحد على إيران. إعلان مَثّل انفصالاً أميركياً شبه كامل عن كلّ الدول الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن، بما في ذلك أقرب حلفاء الولايات المتحدة، التي بدت منعزلة أكثر من أيّ وقت مضى، في ظلّ رفض بريطانيا وفرنسا والصين وألمانيا وروسيا – وغيرها من الدول الموقّعة على الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب – تنفيذ هذه العقوبات.
التفّت الولايات المتحدة على الموجبات القانونية، وألغت كلّ الأطراف المعنيين بالقضية، مختصرةً الأمر بشخصها، ومُنصّبة نفسها الآمر الناهي، إلى حدّ ترحيب وزير خارجيتها، مايك بومبيو، «بعودة جميع عقوبات الأمم المتحدة تقريباً، التي أُلغيت في السابق، على جمهورية إيران الإسلامية». إعلانٌ لانتصار وهمي، حاول بومبيو منحه جدّية أكبر، بتصريحه أن العقوبات دخلت حيّز التنفيذ اعتباراً من الساعة 20,00 من يوم السبت بتوقيت واشنطن (الأحد 00,00 ت غ). يأتي ذلك بعدما تلقّت إدارة ترامب انتكاسة كبيرة في مجلس الأمن لدى محاولتها تمديد حظر الأسلحة على طهران، في ظلّ مؤشرات إلى انتكاسة أخرى لواشنطن، مع تأكيد 13 دولة من أعضاء مجلس الأمن أن الإجراء الأخير «باطل». .
تتصرّف إدارة ترامب كأنه أُعيد فرض العقوبات الدولية على طهران، فيما يواصل المجتمع الدولي التصرّف وكأن شيئاً لم يكن. وتشدّد واشنطن على أنه تمّ تمديد الحظر على الأسلحة «إلى ما لا نهاية»، وأن العديد من الأنشطة المرتبطة ببرامج إيران النووية والصاروخية باتت الآن هدفاً لعقوبات دولية. لكن دبلوماسياً في الأمم المتحدة أكد أن «لا شيء سيحدث»، مضيفاً أن الوضع «أشبه بالضغط على الزناد من دون انطلاق الرصاصة». وندّد دبلوماسي آخر بخطوة واشنطن «الأحادية الجانب»، قائلاً إن «روسيا والصين ستراقبان بارتياح… التداعيات المزعزعة للاستقرار بدرجة هائلة»، للخلاف بين واشنطن وشركائها الأوروبيين. أمّا مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، ديميتري بوليانسكي، فقد ندّد بالقرار. وقال: «من المؤلم أن نرى كيف يمكن لدولة أن تهين نفسها بهذه الطريقة، وتعارض بهذيانها العنيد باقي أعضاء مجلس الأمن الدولي». وأضاف: «قلنا جميعنا بوضوح في آب/ أغسطس إن ادّعاءات الولايات المتحدة بشأن إطلاق سناب باك غير شرعية. هل واشنطن صمّاء؟».
هذا التوتّر من المتوقع أن يواصل منسوبه الارتفاع في حال نفّذت الولايات المتحدة، بالفعل، تهديدها بفرض عقوبات ثانوية على الجهات التي لا تلتزم بالتدابير الجديدة بحق إيران. وعلى هذا الصعيد، تعهّد بومبيو، الذي كان قد ندّد، بشدّة، بفرنسا وبريطانيا وألمانيا، متّهماً إياها بـ«الانحياز إلى آيات الله» الإيرانيين، بأن يتمّ الإعلان، خلال أيام، عن الإجراءات التي ستُتخذ بحق «منتهكي» العقوبات. واتّهم بومبيو، أمس، الأوروبيين بعدم القيام بأيّ جهد لمنع تجارة الأسلحة مع إيران. وفي حديث مع شبكة «فوكس نيوز»، أشار على سبيل المثال إلى الوضع في لبنان. وقال: «الجميع يريد أن يكون لبنان في وضع أفضل». لكنه أضاف: «هذه الأسلحة التي ستبيعها إيران ستصل إلى أيدي حزب الله وستجعل الحياة أسوأ بالنسبة إلى اللبنانيين».
وفيما من المتوقع أن يتطرّق ترامب إلى تفاصيل تلك الإجراءات الثانوية، خلال خطابه المرتقب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة غداً، أعلن مسؤول أميركي رفيع المستوى أن الولايات المتحدة ستفرض، اليوم، عقوبات على أكثر من 24 شخصاً وكياناً شاركوا في البرامج النووية والصاروخية والأسلحة التقليدية الإيرانية. وادّعى المسؤول أن إيران قد تملك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية بحلول نهاية العام، وأنّها استأنفت التعاون في مجال الصواريخ الطويلة المدى مع كوريا الشمالية، التي تملك أسلحة نووية، من دون أن يقّدم أدلّة على ادّعاءاته.
صحيفة الأخبار اللبنانية