«التعاون» التركي ــ الروسي: لا آثار لعقوبات واشنطن
لم تؤثّر العقوبات الأميركية المفروضة على تركيا بسبب شرائها منظومة صواريخ «إس-400» الروسية، على العلاقات المتنامية بين أنقرة وموسكو والتي تُعزّزها مجموعة من المصالح المشتركة تطرّق إليها وزيرا خارجيّة البلدين أثناء لقاءٍ جمعهما في سوتشي، يوم أمس. لناحية توقيته وخلفيّات انعقاده، بدا اللقاء بمثابة رسالة إلى واشنطن الراغبة في ثَني حليفتها الأطلسيّة عن تعزيز حلفها مع المعسكر المعادي للغرب، إلا أن ذلك لم يمنع الجانبين من التشديد على مواصلة تعاونهما العسكري في ظلّ العقوبات، فضلاً عن تنمية علاقاتهما الاقتصادية.
وفي أعقاب محادثات جمعته إلى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في سوتشي، التي يزورها هذا الأخير لحضور الاجتماع الثامن لـ»مجموعة التخطيط الاستراتيجي المشترك» بين البلدين، أكّد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن التعاون العسكري بين موسكو وأنقرة سيتواصل على رغم العقوبات «غير الشرعية» التي فرضتها الولايات المتحدة منتصف الشهر الجاري على تركيا استناداً إلى «قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات»، «كاتسا»، بسبب شرائها واختبارها منظومة الدفاع الجوي الروسيّة «إس-400». ومع فرض واشنطن عقوبات على حليفتها الأطلسيّة اعتبرها الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بمثابة «تعدٍ على سيادة» بلده، حظرت منح أيّ تصاريح تصدير أسلحة للإدارة الحكومية التركية لشراء الأسلحة ومنع رئيس هذه الإدارة، إسماعيل ديمير، ومسؤولين آخرين من دخول الأراضي الأميركية. موقف جاويش أوغلو جاء متساوقاً مع الموقف الروسي، إذ شدّد، من جهته، على أن أنقرة لن تتراجع عن إجراءاتها بسبب العقوبات، متعلّلاً بأن الاتفاق «على تسلّم إس-400 جاء قبل هذا القرار»، ومجدّداً دعوته إلى حل المشكل عن طريق الحوار، وخصوصاً بعدما أعلنت الولايات المتحدة تأييدها لهذا المسار. كذلك، أوضح الوزير التركي أن بلاده لن تتراجع عن خطواتها الرامية إلى تعزيز صناعاتها الدفاعية، وخصوصاً أن تأثير عقوبات واشنطن ومناوراتها يبقى «محدوداً».
وفي حين لا يُنظر إلى التقارب الروسي ــــ التركي، في السنوات الأخيرة، بعين الرضى في الغرب، الذي يرفض تزوّد دولة عضو في «حلف شمالي الأطلسي» بالسلاح من خصم جيوسياسي رئيسي، لفت جاويش أوغلو إلى أن العلاقات التركية ــــ الروسية ليست بديلاً من علاقات أنقرة مع «الأطلسي» أو الاتحاد الأوروبي، فيما شدّد لافروف على أن «العقوبات الغربية» لا تؤثّر على العلاقات الثنائية «المبنيّة على مصالحهما الوطنية والمنفعة المتبادلة». ورأى أن «واشنطن تمارس ضغوطاً شديدة على أنقرة بطرق غير مشروعة، وعلى رغم ذلك لم تتراجع تركيا، وهذا مثير للإعجاب». وعن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، أوضح الوزير التركي أن أنقرة وموسكو وضعتا الوصول بحجم التجارة إلى 100 مليار دولار هدفاً رئيسياً، إلّا أن ذلك لم يتحقّق بفعل التداعيات المترتّبة على الأزمة الوبائية. لكنّه أكّد ضرورة زيادة حجم التجارة، وإزالة الرسوم والمعوّقات الأخرى أمامها، معرباً عن ترحيبه بزيادة روسيا حصص الصادرات التركية من الطماطم ومنتجات أخرى. في سياق آخر، أشار لافروف إلى أنه تناول مع نظيره التركي قضيّة إقليم ناغورنو قره باغ، وأنهما يريان سعي أنقرة إلى مساعدة الأطراف المتنازعة على الوفاء بالتزاماتها، «إيجابياً». وأوضح الوزير الروسي الذي رعت بلاده اتفاق إنهاء الحرب، أن جهود إنشاء مركز مراقبة وقف إطلاق النار في المنطقة، بمبادرة من إردوغان وبوتين، مستمرة، وأن المركز سيباشر أنشطته في وقت قريب.
صحيفة الأخبار اللبنانية