البيت الأبيض في مهب وسائل التواصل !
انتبه شياطين ترامب وهم يحضرون لحملته الإنتخابية في العام 2016 لما فعلته إدارة أوباما من إستخدام لوسائل التواصل الإجتماعي في تحشيد الرأي العام وسوق جموع الناس بإتجاهات يحددونها هم . و كان جاريد كوشنر هو صاحب فكرة الإستعاضة عن الإعلام المؤسساتي من صحف وتلفزيونات بوسائل التواصل الإجتماعي، خاصة و أن كوشنر كان قد امتلك جريدة متواضعة، وتفحص إمكانيات وسائل التواصل قياساً بالإعلام الكبير بالنسبة لترامب الذي كان منبوذاً من هذا الإعلام العملاق . فذهبت حملة ترامب للإعتماد على وسائل التواصل، التي يظنون أنها أوصلته إلى البيت الأبيض .
و بمجرد فوز ترامب في 2016، وقبل أن يستلم جمع أوباما في مكتبه بالبيت الأبيض كلاً من مدير التحقيقات الفيدرالية ومستشارته سوزان رايس ونانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب، و شكلوا فريقاً لإعاقة ترامب ومنعه من الحكم بسلاسة والسعي لعزله. و قرروا اتهامه بالتواطؤ مع روسيا التي يعادونها لاستخدام وسائل التواصل الإجتماعي ، للتأثير على الناخبين ، وسوق نتائج الإنتخابات لصالحه زوراً و بهتاناً. يعني رجعنا إلى وسائل التواصل، وهاهو أوباما الذي أعتبر هذه الوسائل وسيلة الشعوب لتحقيق الديمقراطية فيما سماه الربيع العربي، هاهو يتهم هذه الوسائل بالتزوير والتزييف، وبخدمة الأجنبي (روسيا). وهكذا، حتى أميركا تتهم الخارج بالتآمر على الحكم والتدخل بالإنتخابات لإيصال من يريده هذا الخارج إلى الحكم .
ثم في هذا الشهر، أستخدم ترامب من جديد وسائل التواصل لتصعيد التعصب العنصري لدى مؤيديه، ولتحشيدهم ودفعهم لمهاجمة الكونغرس و تعطيل جلسة المصادقة على نجاح خصمه بايدن . وهناك من قال أن المحطط كان يتضمن إغتيال بيلوسي وخطف أو أسر عدد من أعضاء الكونغرس . أي أن ترامب استخدم وسائل التواصل الإجتماعي للإنقلاب على الحكم، تماماً كما استخدمها أوباما لقلب أنظمة حكم في المنطقة العربية. وما حدا أحسن من حدا !
لذلك فإن مؤسسات الدولة العميقة الأميركية تعمل الآن على إيجاد ما يلجم فعل وفعالية وسائل التواصل، وضبط ما يسمونه (الحرية اللامسؤولة) وبالتالي سيصبح كل ما يخدم أميركا حرية تعبير مطلوبة ومصانة ، وكل ما يهدد مصالح الدولة الأميركية (حرية غير مسؤولة) … و تعدنا المؤسسات الأميركية بتقييد لعمل وسائل التواصل بعدما أذاقها ترامب مرها، ومن يريد أن يعرف طبيعة ما سيكون عليه هذا التقييد أن يتذكر أن الرئيس ترامب نفسه مع سبعين ألف حساب أغلقوا و منعوا من ممارسة التعبير على وسائل التواصل . و لمعرفة أعمق عن جوهر القييد القادم لهذه الوسائل علينا أن نراجع صور واشنطن هذه الأيام، حيث باتت منطقة عسكرية، طرقاتها مغلقة بالحواجز وجسورها معطل العمل عليها ، والجيش والعسكر في كل مكان . . . فهل نفهم ما يجري ؟؟ و هل نبادر إلى حماية مجتمعاتنا من إنفلات وشطط التقنية ، خاصة إن وصلت إلى الأيدي المستهترة أو المباعة ؟؟ و هل تعلمنا مما أصابنا أم سنبقى نتفرج على الأحداث دون أن نتعلم منها شيئاً ودون أن نستدرك مخاطر قد تأتينا ونحن نتلهى بالفرجة على ما يحدث في أميركا ؟؟
بوابة الشرق الأوسط الجديدة