هل يصدق بايدن , و يجعل أميركا عظمى بفعل الخير العالم كله ؟؟!
لا أعرف لماذا تجاهل الإعلام هذه النقطة في خطاب بايدن للتنصيب، رغم أنها الفقرة الواضحة فيه للرد على شعار ترامب ، الذي قال ( لنجعل أميركا عظمى مرة أخرى ) . و أنا أستغرب تجاهل هذا المبدأ الذي طرحه بايدن و قال فيه بقوة ( لنجعل أميركا عظمى بفعل الخير للعالم كله ).
إذا كان هذا الطرح البايدني حقيقياً فإننا أمام فهم حقيقي للعظمة . حيث أن أول روافع أي دولة لصف الدول العظمى ليس قوتها العسكرية والسياسية والإقتصادية فقط، بل وما تقدمه من خير للعالم كله . تقديم الخير للعالم يجعل الدولة عظمى، أما الضغط على الدول والسيطرة عليها و نهب ثرواتها ، وإبتزاز أموالها، كل ذلك يجعل من الدولة دولة مسيطرة، أو دولة محتلة، أو دولة ناهبة، وليست عظمى أبداً. وإذا كان ترامب مارس الصنف الثاني من سياسات الضغط و الإفقار والنهب والإبتزاز والهيمنة والسيطرة، لذك فإن حقيقة شعاره بعيد عن العظمة . لأن الممارسة الترامبية كشفت أنه يعني ( لنجعل من أميركا دولة عنصرية ناهبة معتدية مرة أخرى ) .
القصة الأميركية تركز على أهمية أنها أمة قادرة على إصلاح أي خلل يعتري نظامها السياسي ويسيئ لقيمها المعلنة ، ويشوه صورتها كديمقراطية تكرس عظمة دولتها . إن كانت أميركا قادرة بالفعل على إصلاح نفسها فإن أمام بايدن فرصة الإمساك بالمعيار الذي يجعل من أميركا أمة ودولة عظمى بالفعل، وهو ما أعلنه بأنه سيعمل على ( جعل أميركا عظمى بفعل الخير للعالم ) .. والسؤال الذي يطرح على أي مراقب : هل يمكن لبايدن أن يخرج عن المسار الأميركي في السيطرة والهيمنة، و ينحاز إلى فعل الخير للعالم ؟؟؟ و هل يمكن أن تكون الخبرة السياسية الطويلة لبايدن وتقدمه بالعمر ووصوله إلى عتبات الآخرة، هل يمكن لكل ذلك أن تجعله يمتلك الشجاعة والإندفاع لرفع أمته إلى مرتبة حضارية إنسانية وإبعادها عن مكانة القوة العسكرية المعتدية المسيطرة المهيمنة ؟؟ وهل يريد بايدن أن يدخل التاريخ من هذا الباب، باب بناء عظمة أميركا من خلال بناء الخير للعالم كله ؟؟ وهل اقتنع بايدن بعد كل هذا العمر السياسي أنه لا يمكن لأي دولة، مهما كبرت وعظمت، أن تنعم بالسلام والأمن والاستقرارفي عالم مضطرب معتدى على دوله ومسروقة ثروات شعوبه ؟؟ هل اقتنع أن بناء عالم يسوده الأمن والسلام والإستقرار والكفاية هو ما يوفر عوامل العظمة للدولة الفاعلة فيه ؟؟
ستكشف الأيام القادمة إن كان بايدن سيشكل مرحلة أخرى من تاريخ أميركا في العدوان و السيطرة والهيمنة ، أو أنه سيكون مختلفاً ويطبق العيار الذي طرحه حول العمل لجعل أميركا عظمى بفعل الخير للعالم كله . و رغم أن تجربة العالم مع أميركا مخيبة، إلا أننا سنتابع لنتأكد من حقيقة بايدن و صدق ما طرحه حول فعل الخير للعالم كله .. سنرى !
بوابة الشرق الأوسط الجديدة