أثارَت المُصافَحة الحارّة بين الرَّئيسين أردوغان وترامب اهتمامَ الصِّحافيين والمُراقبين مَعًا..
أثارَت المُصافَحة “الحارّة” بين الرَّئيسين، التركي رجب طيب أردوغان، والأمريكي دونالد ترامب، على هامِش قِمّة حِلف شَمال الأطلنطي، بِحُضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اهتمامَ الصِّحافيين ورِجال الإعلام بالنَّظر إلى طَبيعة العَلاقات المُتوَتِّرة بين الجانِبين المُصافَحة تمّت في كوريدور القاعَة التي انعقدت فيها قمّة حِلف “الناتو” في بروكسل، وعندما كان الرئيس أردوغان في طَريقه لعَقد لقاءاتٍ ثُنائيّة في غُرفَة مُجاوِرة، وصَدَف أن كان الرئيس الأمريكي في المَمر نَفسه يتجاذَب الحديث مع الرئيس الفرنسي.
لا نَعتقِد أن هذا اللقاء جاءَ من قبيل الصُّدفَة، فالصُّدَف تبدو “مُرتّبة” في مُعظَم اللِّقاءات على هذا المُستَوى بين زُعَماء الدُّوَل، الأمر الذي يُذكِّرنا بصُدفَةٍ مُماثِلة بين الرئيس الإيراني حسن روحاني ونَظيره الأمريكيّ باراك أوباما، التي جاءَت تَمهيدًا لتخفيف التَّوتُّر بين البَلدين وتوقيع الاتفاق النووي.
مكتب الرئيس أردوغان أصدر بيانًا قبل بِضعَة أيّام أكّد فيه على اتّصالٍ هاتفيٍّ أجراه الرئيس ترامب مع نظيره التركي هَنّأه فيه على فَوزِه في انتخابات الرِّئاسة، وأن الرئيسين اتّفقا على تحسين العلاقات العَسكريّة والأمنيّة بين بَلدِيهما، وتواعَدا على اللِّقاء على هامِش قِمّة حلف الناتو في بروكسل، الأمر الذي يُؤكِّد أنّه جَرى الاكتفاء بهذا اللِّقاء العابِر في أحد الممرّات فقط.
الرئيس أردوغان التقى السيدة أنجيلا ميركل لمُدَّة 40 دقيقة على هامِش القِمّة، وجَرى بَحث العلاقات المُتوتِّرة بين ألمانيا وتركيا وكيفيّة حل جَميع الخِلافات، وهو لِقاءٌ على دَرجةٍ كبيرةٍ من الأهميّة لأنّ الكثيرين، داخِل تركيا وخارِجها نصحوا الرئيس أردوغان بالتَّهدِئة مع المُستشارة الألمانيّة، وتَخفيف حِدَّة الصِّدام معها، ومن بين هؤلاء الشيخ عبد الفتاح مورو، نائب رئيس حزب النهضة التونسي الذي انتقَد بشِدَّةٍ التَّصعيد الذي اتّبعه الرئيس أردوغان مع السيدة ميركل، بالنَّظر إلى أهميّة ألمانيا كشَريكٍ لتركيا حيث يَبلُغ حَجم التَّبادُل التِّجاري مَعها حواليّ 35 مِليار دولار سَنويًّا.
لا نَستطيع أن نقرأ كثيرًا في هذه المُصافَحة بالنَّظر إلى حجم الخِلافات بين البلدين، أي أمريكا وتُركيا، في مجالاتٍ عِدَّة أبرزها إصرار تركيا على المُضِي قُدمًا في شِراء صفقة صواريخ “إس 400” من روسيا، ورَفض أمريكا الاستجابة لطَلب تركيا وتسليم الدَّاعِية فتح الله غولن، المُتَّهم بتَدبير الانقلاب العَسكريّ الفاشِل قبل عامَين.
ربّما تكون هَذهِ المُصافَحة كَسَرت جُزءًا من الجَليد الذي يُخيِّم على العَلاقات الأمريكيّة التركيّة، ولكن من الواضِح أنّ الطريق ما زالَ طَويلاً لإعادَة العلاقات إلى صُورَتها السَّابِقة، خاصَّةً إذا وَضعنا في اعتبارِنا أنّ الرئيس أردوغان أعلن رفضه الالتزام بالعُقوبات الاقتصاديّة التي تَفرِضها الإدارة الأمريكيّة على إيران، وعلى رأسِها عدم استيراد النِّفط الإيرانيّ، وأكّد أنّه سيَستمِرّ في استيراد هذا النِّفط، وتَوثيق العلاقات التجاريّة مع الجارة الإيرانيّة التي تَصِل قيمتها حواليّ 15 مِليار دولار سَنويًّا.
أمريكا، ودُوَل غربيّة عديدة، لا تَشعُر ارتياح للمُيول الإسلاميّة للرئيس أردوغان وحِزب العدالة والتنمية الذي يتزعّمه، وطُموحاتِه في إعادَة إحياء دولة الخِلافة العثمانيّة، وفَوزِه المُزدَوج في الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة.. علاوَةً على مَوقِفه الرَّافِض لتَهويد القُدس المُحتلَّة، ودَعم حركة “حماس″، وربّما لهذا السَّبب كانت “المُصافَحة” في الكوريدور فقط ولم تتم في لِقاءً خاص ومُغلَق ومُطَوَّل.. واللهُ أعْلَم.
صحيفة رأي اليوم الالكترونية