أردوغان يغازل بايدن و يخطب إسرائيل في سورية : تعاون أم عدوان ثلاثي ؟!
كان للعمل الإرهابي الذي أرتكبه داعش في ليلة رأس السنة بالهجوم على حافلة جنود من الجيش العربي السوري ، كان لهذا العمل وما تبعه من أعمال إرهابية مستمرة، ما يجعله يشكل بوابة لفهم التحالفات المتجددة في إطار القضية السورية .
أكدت الجهات السورية، مستفيدة من تعاونها مع الخبرات الروسية، أن هذا الإرهاب الذي أودى بحياة العشرات من الجنود السوريين نفذ بتخطيط وإدارة وتمويل وتوجيه وتعاون بين بين تركيا وأميركا وإسرائيل . ولم يكن الكمين الإرهابي في البادية ضد الجنود السوريين إلا كإعلان عن هذا ( التعاون الثلاثي ) في سورية . فهل نحن أمام مرحلة جديدة من السياسة الأميركية تعيد تفعيل جناحيها التركي والإسرائيلي في المنطقة عامة وسورية خاصة؟
حركة أردوغان و نواسنه السياسي منذ أكثر من شهرين تحمل معاني تضيئ على دينامية (التعاون الثلاثي ) . فهو يسعى لإستعادة العلاقات المميزة مع إسرائيل، وقال علناً ( إن تقدمت إسرائيل خطوة سنتقدم خطوتين ) مؤكداً أن التعاون الأمني الإستخباراتي التجاري بينهما لم ينقطع بل هو استمر في إزدهار رغم كل شيئ. وإذا كان إزدهار التعاون التجاري مفهوماً فإن إستمرار إزدهار التعاون الأمني الإستخباراتي ماذا يعني غير ما يماثل و يوازي ( التعاون الثلاثي ) الذي تحدثنا عنه ؟؟! … كما أن أردوغان بدأ منذ أسابيع مغازلة إدارة بايدن، متحدثاً عن علاقته الوطيدة به، و كيف زاره بايدن وهو مريض، وكيف تناول العشاء في منزله . و هذه التصريحات الأردوغانية المتقلبة طنشت على بعض تصريحات بايدن القديمة التي أعتبر فيها أردوغان ديكتاتوراً يجب إسقاطه، وعند أردوغان ( كله بينحل ) في سبيل المصلحة .
ربما تكون القنوات الخلفية، والمباحثات البعيدة عن الأنظار، بين فريقي بايدن وأردوغان قد ساعد في تفعيل ودفع ( التعاون الثلاثي ) . و كثيرون يرون أن شخصيات إسرائيلية ربما تكون أقنعت بايدن بأهمية دور أردوغان في تحجيم الوجود الإيراني في سورية . لذلك ليس بعيداً عن فريق بايدن أن يكون قد قدم لأردوغان ثمناً مقابل إنخراطه في هذا التعاون، ألا وهو ضمان الضغط على قسد لتعلن إنفكاكها عن حزب العمال الديمقراطي، مع ضمانة عدم سماح أميركا بقيام أي كيان كردي يهدد الأمن التركي ، مقابل فعالية تركية متعاونة مع إسرائيل و واشنطن , هدفها أولاً تحجيم و إخراج الإيرانيين من سورية، و ضمان مستقبل سوري وفق المنظور الإسرائيلي الأميركي التركي .
و لكن أين روسيا؟ وأين العلاقة الإيرانية التركية ؟ بطبعه المناور المتلاعب حافظ أردوغان حتى اليوم على إبقاء علاقاته بإيران وروسيا ، بإطار العلاقة التجارية المنفعية، مقابل الحفاظ على علاقته الإستراتيجية بالناتو وأميركا . إضافة إلى أنه يمارس (الوقاحة السياسية ) دون خجل . طبعاً روسيا تفهم تماماً ما يفعله أردوغان والأميركان، وتقابل المناورة بمناورة، وعند اللزوم تستعمل القوة التي تجعل هذا المناور يعود و ( يتضبضب ) ويحجّم من وقاحته . كذلك فإن إيران تتعامل مع أردوغان (على القطعة) محاولة جر تركيا إلى تفاعل إقليمي ينتج الإستقرار و الأمن . لكن السؤال : إلى متى تستمر روسيا وإيران بمداراة أردوغان، رغم أنه ينخرط وبوقاحة بأعمال وسياسات مضادة لمصالح روسيا و إيران في سورية والمنطقة ؟
العمل الإرهابي الداعشي في البادية، وما تبعه حتى الآن، كان إعلاناً لـ ( التعاون الثلاثي) الإرهابي . ومثل هذه الأعمال والسياسات لن تؤدي إلا إلى إطالة الحرب . و هذا ما يهدد الأمن والسلم في المنطقة . و هذا ما لا تقبل به سورية و السوريين.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة