أسرار آن أوان البوح بها: هكذا بحثنا عن الكنز !

هناك كثير من القصص لا يريدُ الإنسانُ استعادتَها، وربما يعود ذلك إلى الخجل منها، أو من تفاصيلها، وهذا حق لصاحبها، فمن يجبره على أن يحكي للناس قصة الصفعة التي تلقاها من امرأة قبل عشرين سنة، فمن الطبيعي أن يحفر لها في أعماق نفسه ويطمرها، أما أنا فأحاول دائما أن لا أخفي شيئا، وأقول (أحاول)، لأنني أفشل كثيرا في مثل هذه المحاولات..
هذه المرة ، نجحتُ في إخراجِ قصة مطمورة عندي، تتعلق بمشاركتي بالبحث عن كنز من الذهب، وكان عمري وقتها أربعة عشرعاما، وكان الفارق بين عمري وعمر شركائي نحو أربعين عاما !
وعندما تتعرف على واحد من المختصين في البحث عن الكنوز تُفاجأ بأنه فقيرُ الحال يمشي شارداً يعيش أحلاماً غريبةً لايمكن تصديقها، بل وتراه عند الاصطدام معه يتصرف بمنطق قوة ذاك الذي يمتلك الملايين !
ولكي تعرف حقائق هؤلاء الناس حاول أن تطلب منهم شيئا من المال، فتجد أنهم مفلسون، لأن المسألة ببساطة أن أحداً منهم لم يحصل على ليرة واحدة من بحثه الدؤوب عن الكنوز !
ما حصل معي يخيفني الآن فعلا، فقد تعودت، عندما أكون مفلساً، أن أرى حلماً يتكررُ مضمونه فإذا رأيت في الحلم نفسي وقد عثرتُ بين التراب على كمية من المال، أسارعُ إلى جمعها، فإذا بها تتوالد من جديد في التراب، وعندما أستيقظ كنتُ أستعيدُ دعاء أمي : إلهي يجعلكَ تمسك التراب فيصير ذهباً!
لذلك كان طبيعيا أن أوافق على الدعوة للبحث عن كنز من ذهب ..
أقحموني في الشركة من باب أن الكنز (مرصود) ، ولا يمكن فك (الرصد) عنه، إلاّ من خلال تنويم مغناطيسي لفتىً يُدرك ما يحصل في الحياة شريطة أن يكون مهذباً طيباً كاتماً للسر لم يتناول الخمر ولم يمارس الجنس، فإذا بهم يجدون بي النموذج المطلوب، وهذا يعني أن علي أن أخضعَ للتنويم المغناطيسي ، فأخذوني إلى الساحر الذي تنام على يديه عفاريتُ الإنس والجن، وهذا ماحصل !
ركبنا في باص الهوب هوب، وذهبنا إلى حي شعبي يبعد نحو نصف ساعة عن مكاننا، وفي ذلك الحي حارة ضيقة تتجه صعوداً، وعندما دخلنا إلى البيت ، فوجئتُ أن الرجلَ الساحرَ ليس شيخاً، بل هو رجل عادي يرتدي بنطالاً عتيقاً وقميصاً رمادي اللون ويتحدث بصمت وكأنه يخاف من أي شخص سماع حديثه . قال موجها كلامه لي:
هل جربت استحضار الأرواح مع أحد ؟!
فقلت له : لا أبدا !
انتابني خوف شديد، وسيطرتْ عليّ خواطرُ كثيرة وظلّ كأس الشاي الثقيل أمامي فيما يتحدث الساحر مع شركائي . وفجأة تحول تركيز اهتمامهم نحوي، وقال لي الساحر :
ــ سنتكل على الله ، وعندما نبدأ استحضار الأرواح عليك أن لاتخاف، وعليك أن تسألهم الأسئلة التي أطرحها أنا، لأن إجاباتهم تهمنا.. يعني ببساطة أنت الواسطة بيننا وبينهم ..
اتسعتْ حدقتا عينيّ على آخرهما، فعليّ مواجهةُ الشيء الذي كان يخيفني طيلة حياتي، أي مواجهة المجهول !
وأضاف الساحر:
ــ انتبه يا ابني . إذا أخذوك إلى أي مكان احذر أن تنسى ملامح هذا المكان .. كل شيء يتعلق بك !
لم أردْ على كلامه. حدّثتُ نفسي بقرار مهم ، بعد أن نظرت إلى الباب والنافذة، فعندما يأتي الجان ماذا سأفعل، وكان القرار:
ــ عند الضرورة سأقفز نحو الباب أو أرمي نفسي من النافذة !!!((يتبع ..))