أسرار المعارضة السورية : بعد فاتح جاموس ، المعارض وائل السواح ينشر مذكراته!
خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة
شرع المعارض السوري وائل السواح بنشر صفحات من مذكراته السياسية المتعلقة بمرحلة تأسيس (رابطة العمل الشيوعي) التي كان أحد قيادييها ، وتأتي أهمية هذه الخطوة بعد شروع المعارض السوري فاتح جاموس بنشر مذكراته حيث يلتقى هذان المعارضان في تجمع سياسي وليد هو رابطة العمل الشيوعي التي شكلت حزبا معارضا صلبا في سورية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي .
وفي إطار التمايز الذي أحدثته خطوة تأسيس (الرابطة) ينوه وائل السواح إلى إلغاء ” منصب الأمين العام للحزب” وفي ذلك رد غير مباشر على الاتهامات التي وجهت لزعيم الحزب الشيوعي التقليدي خالد بكداش بالاستبداد الحزبي، ويقول وائل السواح: ” بدّلنا اسم اللجنة المركزية والمكتب السياسي المرتبطين تاريخيا بالحركة الشيوعية التقليدية باسم الهيئة المركزية التي ضمّت أحد عشر عضوا ولجنة العمل التي ضمّت خمسة. وكانت لجنة العمل الأولى نوعية بالفعل، إذ ضمّت أحمد جمول وأصلان عبد الكريم وفاتح جاموس وهيثم العودات وعبّاس عبّاس (أبو حسين)..”
ودون أن يتوقف عند طبيعة البرنامج السياسي الذي حاولت الرابطة التمايز به عن غيرها من أحزاب تلك المرحلة، توقف وائل السواح في الصفحات التي نشرها عند شخصيات محددة، من الرابطة، برزت اليوم، وأصبحت في عداد الشخصيات السياسية المعارضة البارزة في سورية كهيثم العودات أي (هيثم مناع) ، وفاتح جاموس ، وفي هذا الإطار يثني على أحد قادة الرابطة في ذلك الوقت وهو أحمد جمّول “فالرجل كان نادرا في ثقافته وفطنته وحساسيته، وصلابته أيضا.” ومما يورده من أسرار تلك المرحلة يقول : ” حين توفيت الرفيقة منى عسّاف، زوجة هيثم العودات، في ظروف مأساوية غامضة، انهار هيثم واعتكف في بيت قريبه حسين العودات. كنا نقترب من اللقاء الثالث الموسّع وكنا نريد هيثم وطاقته معنا. ذهب أحمد لرؤية هيثم ومعه صندوق، فتحه وأخرج منه مسدّسا وضعه على الطاولة أمام هيثم وقال له: “ليس لك أن تخيّب أصدقاءك. إما أن تكون قادرا على أن تحمل مأساتنا في منى (وكان مقدّرا لمنى لو عاشت أن تحضر اللقاء الموسع) أو تلحق بزوجتك الآن. وفي الحالتين سأعتبرك إنسانا عظيما.” وكما يقول هيثم في كتابه “منبوذو دمشق”، استطاعت هذه المغامرة (الخرقاء؟) أن توقظ هيثم وتعيده إلى العمل..”
ويثني وائل السواح على هيثم العودات (هيثم مناع) ، فهو لم يكن ” أفتى أعضاء لجنة العمل فحسب، بل كان أكثرهم قلقا وتساؤلا. ولهيثم، الذي اعتقل والده أكثر من مرّة لأسباب سياسية ولعبت أمه المربيّة الفاضلة دورا كبيرا في حياته وحياة الأسرة، تاريخ قديم في العمل العام. فحين كان في المدرسة الابتدائية أسّس مع من سيكون لاحقا أحد أبرز الوجوه الوطنية والديمقراطية، عبد العزيز الخيّر، جريدة أسمياها “التعاون”. وباع الصحف والمجلات ليشتري الكتب التي يحبها. وحين زار ميشيل عفلق والده في درعا، سأله عن عدد البعثيين في درعا، فتنطح له الصبيّ الذي كان جالسا في الغرفة: “ليست العبرة في العدد.” نظر “الأستاذ ميشيل” إلى الصغير برهة، ثمّ وافقه: “بالتأكيد”… ”
وعن دور فاتح جاموس في رابطة العمل الشيوعي يصفه وائل بأنه كان دينامو الحلقات الماركسية وبعدها رابطة العمل الشيوعي،” كان لا يهدأ عن الحركة، ينتقل من مكان إلى مكان ومن اجتماع إلى اجتماع، ويهتم بكافة الرفاق، ولكنه بين هذا وذاك، يجد من الوقت ما يكفي لحبك الخطط والمؤامرات الصغيرة واللف والدوران على الرفاق.”
ويضيف : ” لم يكن فاتح يتمتّع بثقافة نظرية عالية، بل أكاد أجزم أنه لم يقرأ من ماركس سوى البيان الشيوعي ولم يقرأ من لينين إلا “ما العمل”. ولكنه كان يتقّد حيوية وحماسا، وقد لعب دونما شكّ دورا كبيرا في بناء رابطة العمل كما لعب دورا في انحطاطها. وسيظلّ موقف فاتح المخيّب لآمال الكثرة الكثيرة من رفاقه السابقين غصّة في حلوقنا جميعا ولغزا مستعصيا..”
أما عن أصلان عبد الكريم ، فقد قارنه وائل السواح بفاتح جاموس وكان أصلان “عقلا أكثر منه عاطفة. كان الحزب بالنسبة له جريدة ودزينة من الثوريين المحترفين. وبالتالي لم يكن الرفاق بالنسبة له أكثر من “رفاق”، أي منفذين لخطة الحزب. يهتمّ أصلان بعقله وجسمه بشكل كبير. يمارس الرياضة كلّ يوم ويأكل بقدر ما يستطيع وبقدر ما كانت ظروف التخفي ومن ثمّ السجن توفره لنا. وكان صلبا وصابرا.”
ومما يذكر أن وائل السواح انشق عن حزب العمل الشيوعي في التسعينات، وترك العمل السياسي فترة من الزمن ، مالبث بعدها أن مهد لوجهة نظره السياسية الجديدة عبر مقالات متتالية نشرها في صحيفة الحياة في العقد الماضي، ثم طرح مشروعا لبرنامج حزب ليبرالي ..
وعندما اندلعت الأحداث التي عرفت باسم (الربيع العربي) ، قاد وائل السواح مع المعارض السوري لؤي حسين مشروع مؤتمر السميراميس للمعارضة السورية ونجحا في عقده علانية في قلب المدينة، ولم تقف السلطات الأمنية ضده، وشكل محطة مهمة سياسية من المستجدات الأولى التي سبقت الحرب في البلاد..
وينحدر وائل السواح من أسرة حمصية معروفة، فقد كان أبوه أحمد نورس السواح صحفيا مشهورا ، ومن أخوته عرف الباحث فراس السواح وكاتب القصة سحبان السواح إضافة إلى بشار السواح الذي توفي إثر مرض عضال وهو في قيادة الحزب الشيوعي السوري الموحد (قيادة حنين نمر).