العزيزي…الذي من إعزاز
العزيزي…الذي من إعزاز
ـ القاع مزدحم دائماً ـ
كتب نزار نيوف، وهو معارض سوري مزمن وقديم ومحترف ومصدر معلومات، ويشبه طلقة المسدس، هذه القصة الموجعة والطريفة:
” اليوم قتل الشاب” حازم العزيزي “في إعزاز” على يد عصابة “دولة العراق والشام الإسلامية” التي اجتاحت المدينة.
وكان أول من قتلته… هو قبل غيره!
أحزنني موته التراجيدي، لأكثر من سبب. لعل السبب الأهم من بينها، قصة حصلت بيني وبينه في 5حزيران 2012 حيث أرسل لي رسالة يتهمني فيها بفبركة تنظيم “دولة العراق والشام الإسلامية” مثلما فبركت العام 2011 ” جبهة النصرة” وزعم بأنني “نصيري” ـ حسب تعبيره إلا أنه لم يعتبرني ” عميلاً لآل الأسد” .
يومها كتبت له قائلاً : ” سأستدعي الله لمرة واحدة من عالم الفانتازيا لأدعوه عليك وأقول: ” إن شاء الله بيكون مقتلك على إيدها” فقط من أجل أن تصدق أنها موجودة . لكنني تراجعت، وقلت ” اللهم يبعتلك بالمسخ ويجعلك مثل جورج صبره”.
لم أكن أصدق أن إلهاً ما سوف يفعل ذلك!
لقد قتل يوم 18 أيلول الجاري 2011 هذا الرجل غير المصدق… ساعات بعد احتلال إعزاز… مدينته، التي قال لنيوف إنه أدرى بشعابها. وعلى يد عناصر من “دولة العراق والشام”.
……………………..
بالنسبة لتأثري أنا بالقصة كان نوعين:
الأول: بصري… حيث صورة الشاب حياً، بكامل وسامته ونبرة الحياة على وجهه. ثم صورته وهو ميت، كل شيء ميت فيه وواضح من نبرات التعذيب على وجهه، وثبات آلامه لحظة الموت .
والثاني: أنني كنت أراقب، وأستمع ، إلى كثيرين من المعارضة الذين أعرفهم، فأرى العجب من تصوير مزيف للوقائع، وتلفيق الموجودات على الأرض، وخديعة الذات بمعطيات افتراضية لا حضور مهماً لها. وخلل في تقدير الصعوبات، وتقييم النجاحات.
إن التصور الخاطىء. الوصف الخاطىء (قلنا مراراً وتكراراً) هو منتج حصري للكوارث، عندما يترتب على ذلك مصائر بشر، وبلاد، ومستقبل أوطان، نتيجة العمل في قيادة الأحداث قيادة خاطئة.
واحدة من الكوارث، في العمل السياسي، هي التحالفات المغشوشة (حيث لا جامع يجمع) والتي تقوم، على الأغلب، على خديعة طرف لآخر، تقوم على التواطؤ المكشوف لإنجاز مهام محددة، يستفيد منها الطرفان. وعندما ينتهي المؤقت… يبرز الدائم. يتوارى الانسجام ويبدأ الخلاف.
هذا ما حدث في غابة سلاح القرى والأرياف الحلبية، على الثغور التركية، حيث السلاح والمال والملاذ.
لقد ظهرت الخلافات بين ألوية تلك المناطق التابعة للنصرة ودولة العراق والشام، وكتائب وألوية أخرى (مع أو ضد) .
والآن ثمة معركة مفتوحة في كل المناطق…
والأهداف مناطق النفوذ المجدية: الجغرافيا. النفط. المدن الغنية…
……………
هناك عشرات الأسباب لهذه المعركة، التي ستدمر كل شيء في مسرح عملياتها. ولكن السبب الرئيسي، في اعتقادي، هو ذلك اليوم الذي بدا أنه ” ساعة صفر” الضربة الأمريكية.
كان لا بد من الإعداد (في جبهة المسلحين) لساعة صفر متوافقة، مع الصفر الأمريكي. لتحقيق انتصارات الدخول إلى معاقل النظام تمهيداً للتحكم، اللحظة الأولى، بمكونات السلطة القادمة… طبعاً على اعتبار أن سقوط النظام يتم بعد تدمير محتويات “بنك الأهداف” المحددة والمعروفة.
الضربة توارت، ولكنها لم تختفي. والتفاعلات الجديدة، بعد الإعلان عن تسليم الأسلحة الكيماوية، ترشّح الأزمة للدخول في النهايات.
وثمة نهايتان لا ثالث لهما:
1 ـ إما جنيف 2 وهناك شكل الحل، وأطرافه، وأهدافه. وهنا تجري المسابقات من أجل الحصص، ولكن حسب الأرض والنفوذ عليها. فالهويات الراهنة لا تكفي (غوتا حصص).
وغالب المسابقات، من هذا النوع هي ذات أهداف مغشوشة وضيقة الأفق، وقابلة للخسائر.
2 ـ احتمال الحرب، مرة أخرى، من الخارج لإسقاط النظام…
وهنا تقام المسابقات الأكثر دموية بين جميع مسلحي الأزمة السورية ليبقى في “الميدان” “حديدان” واحد لا اثنان !
في الطريق إلى ذلك حدث ما حدث للشاب “حازم العزيزي (عمر دياب).
…………….
ومرة أخرى ، وقبل ألف سنة، نذكّر بما قاله جدنا الحكيم المتنبي:
ومن يجعل الضرغام بازاً لصيده
تصيّده الضرغام فيمن تصيّدا
23.09.2013