أكاذيب أوباما الناعمة!
قبيل انتهاء فترته الرئاسية الثانية بعدة أشهر، يحاول الرئيس الأمريكي باراك أوباما تبرير العديد من خطواته وإجراءاته وقراراته.
هذا التبرير بحاجة إما إلى أكاذيب سياسية مفضوحة أو إلى شكل من أشكال النصب والاحتيال السياسيين. وبالتالي، يتطلب الأمر خلط الأوراق والتعتيم على جوانب مهمة من هذه القضية أو تلك.
الولايات المتحدة أعربت عن أملها بتنفيذ اتفاقات مينسك الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية قبل انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما. هذا على الرغم من أن الولايات المتحدة، غير العضو في مجموعة “النورماندي” التي تتألف من روسيا وفرنسا وألمانيا وأوكرانيا، تشعل الأوضاع في أوكرانيا، وتحرض كييف على المضي قدما في سيناريوهات العنف، وتدعم السلطات الأوكرانية ماليا وعسكريا.
المثير للتساؤلات هنا أن مستشارة الرئيس الأمريكي للأمن القومي سوزان رايس خلطت “اللحم بالذباب” – كما يقول المثل الروسي – لتؤكد أن “هذه المسألة يمكن حلها قبل انتهاء صلاحيات الإدارة الحالية، إذا أبدى الروس إرادة سياسية كافية”. ما يعني أن واشنطن تحمل موسكو مسؤولية ما يجري في أوكرانيا من جهة، وتؤكد على أن روسيا طرف في الأزمة الأوكرانية. مثل هذه الافتراضات من جانب الولايات المتحدة، يتم التعامل معها من جانب الأوروبيين والأطلسيين على أنها حقائق. وبالتالي، يتم تحميل روسيا مسؤولية كل شئ، واتهامها بالاعتداء على أوكرانيا، بل واحتلالها عسكريا.
المدهش أيضا أن الولايات المتحدة، وهي تفترض كل الافتراضات السلبية حول دور روسيا في أوكرانيا، لا تفكر من جانبها في الضغط على سلطات كييف من أجل تنفيذ قرارات مينسك أو الالتزام بوقف إطلاق النار وإجراء حوار مباشر مع أقاليم شرق البلاد. بل على العكس، يدفع الناتو والولايات المتحدة حلفاءهما في كييف إلى مواجهات مع روسيا، والإخلال بكل المواثيق التي تم التوقيع عليها بين البلدين في السابق.
السيدة رايس ترى أن هناك ما يسمح بالاعتقاد بأن موسكو تسعى إلى تنفيذ اتفاقات مينسك، معربة عن أملها بأن هناك ما يكفي من القدرات والوقت للحل، ولكن واشنطن تربط بين تنفيذ اتفاقات مينسك ورفع العقوبات المفروضة على روسيا، وأن تنفيذ هذه الاتفاقات يسمح بتسوية الأزمة في شرق أوكرانيا مع الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها.
في هذا الصدد قالت رايس: “ستبقى علاقاتنا مع روسيا على مستوى منخفض طالما لم يتم حل الوضع في أوكرانيا بشكل صحيح، وستبقى عقوبات الولايات المتحدة وكذلك الاتحاد الأوروبي سارية المفعول”.
هذه التصريحات أدلت بها أيضا السيدة فيكتوريا نولاند عقب مباحثاتها في موسكو في منتصف مايو/ آيار الماضي، حيث لوَّحت بالعصا والجزرة، في محاولة إضافية لتوريط روسيا في الأزمة الأوكرانية الداخلية، وأعلنت أنه في حال تنفيذ اتفاقات مينسك بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية، فمن الممكن أن يتم رفع العقوبات عن روسيا!!
يبدو أن الولايات المتحدة ترفض حتى مجرد فهم ما يحدث في الأزمة الأوكرانية. ومن هنا تحديدا تنطلق تصريحاتها وخطواتها. ولكن الجديد هنا أن السيدة رايس تربط تنفيذ اتفاقات مينسك وتسوية الأزمة الأوكرانية بتحركات السيد أوباما، ووجوده في البيت الأبيض وخروجه منه، وكأن “القدر” يملي على البشرية أن تنصاع لأوامر السيد ورغباته، وتسير على نهجه. وهو ما يتطلب، كما قلنا، الكذب والتضليل والاحتيال بالمعنى السياسي والإعلامي من أجل تصوير الرئيس أوباما كراع للبشرية ومحب للسلام. ألم يفز أوباما فعلا بجائزة نوبل للسلام؟ نعم، فاز بها مقابل وعود لم تتحقق. وكانت لجنة نوبل تأمل بأنها بهذه الجائزة تجبر أوباما على الالتزام بتحقيق ما وعد به. ولكن الرجل من كثرة انشغالاته في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا والصومال وأوكرانيا، نسي أن يبرر حصوله على جائزة نوبل للسلام، وظل يردد ويكرر هو ومن حوله كلمة “سلام.. سلام.. سلام” لعلهم يقنعون هم أنفسهم، قبل أن يقنعوا العالم، بما يقولونه!
روسيا اليوم