أميركا بين إستراتيجية التناحة و سياسة الوقاحة
تجاهل مصافحتها, فحرمته من التشريف, و مزقت خطابه.
خاص بموقع باب الشرق
سألت قناة إخبارية أميركية, ما الرسالة التي أرادت رئيسة البرلمان بيلوسي إيصالها من تمزيق خطاب ترامب لحالة الإتحاد؟؟
الحادثة لا تحمل رسائل من بيلوسي إلى ترامب أو من ترامب إلى بيلوسي فقط . لكنها تحمل معاني ما وصلت إليه الديمقراطية الأميركية, أكثر. و لا بد أن أول المندهشين, كان المواطن الأميركي, ؟؟ و لسان حاله يسأل( ما هذا الذي وصلنا إليه و كيف أنتهينا إلى هذه النتيجة؟؟)
و كي تكون الأمور واضحة. فإننا أمام حادثة, بطلاها, زعيمة المعارضة الديمقراطية في الكونغرس, نانسي بيلوسي, و الرئيس ترامب, زعيم الموالاة الجمهورية رئيس الجمهورية. أي أن طرفي اللعبة السياسية, هما أبطال الحادثة. التي بدأت بصعود الرئيس ترامب إلى منصة الكونغرس, لإلقاء خطاب حالة الإتحاد. و حسب البروتوكول, قبل أن يبدأ الرئيس خطابه, يقدم نسخة منه لرئيسة الكونغرس و نسخة لرئيس مجلس الشيوخ. و ما جرى أن بيلوسي و أثناء تقديمه نسخة الخطاب لها, و كالعادة مدت يدها لمصافحته, فتجاهلها بوقاحة, قامت هي بالرد عليه, بأمرين إثنين, الأول أنها جذفت مقدمة التشريف المعتادة في تقديم رئيس الكونغرس للرئيس, و التي تقول ( لي كبير الشرف المتميز لأقدم إليكم رئيس الولايات المتحدة الأميركية)و ببساطة و إستخفاف قالت بدلا” عنها ( أعضاء الكونغرس. هذا رئيس الولايات المتحدة). و الأمر الثاني الذي قامت به, عقب إنتهاء ترامب من خطابه, حيث تناولت بيلوسي نسختها من الخطاب, و مزقته نصفين, و رمته بإهمال, أمام الكاميرات.
زاد ترامب جلافة حركاته و تصرفاته, خاصة و أنه نفد من العزل, و زاد ترامب من تناحته تعبيرا” عن كسره لمساعي بيلوسي, فما كان منها إلا أن ردت عليه بهذه الوقاحة, رغم أنها كانت قالت في مقابلة قبل الخطاب بيوم أنها ستعامل الرئيس ب( الإحترام الذي يستحق) رغم أنها أضافت أنها لا تتوقع بالضرورة أن يتصرف هو بما يليق بالرئيس. و أكدت بيلوسي في المقابلة( سأتعامل معه كضيف في بيتنا, و نأمل أن يتصرف بأخلاق الضيف. و لا أتوقع منه ذلك)
الجمهوريون توقفوا عند لحظة تمزيق بيلوسي للخطاب. حيث قالت الجمهورية ليز تشيني ( بيلوسي يتحكم بها غضبها . و أحرجت الديمقراطيين كلهم. إنها غير صالحة لرئاسة البرلمان). بالمقابل ركز الديمقراطيون, على لحظة تجاهل ترامب ليد بيلوسي الممدودة, حيث كتبت بيلوسي على تويتر( لن يتوقف الديمقراطيون عن مد يد الصداقة لإنجاز ما يتوجب علينا). و أخبرت رئيسة مجلس النواب المراسلين, أنها مزقت الخطاب ( لأنه كان مليئا” بالأخطاء و الأكاذيب, و التمزيق هو أكثر تهذيبا” مما يستحقه خطاب ترامب).
لا يستطيع المتابع لكل هذه الوقائع من أداء ترامب كزعيم للموالاة الجمهورية, و رد بيلوسي ممثلة المعارضة الديمقراطية, إلا أن يستنتج أن الأداء السياسي الأميركي بين المعارضة و الموالاة أنحط و صار مجرد صراع ديوك, بين إستراتيجية التناحة, و بين سياسة الوقاحة. و إذا كانت التناحة و الوقاحة, أساس التعامل فيما بينهم , و مع بعضهم البعض. فكيف سيعاملون الشعوب الأخرى؟؟ رسالة ما جرى للخارج يؤكد ما يلمسه الجميع , من إنحطاط السياسة الأميركية إلى مستويات دنيئة من التناحة المدمرة, و الوقاحة المتنمرة. لذلك فهي خطر كبير على شعبها و على العالم و أمنه و أستقراره.