أوكار تتحكم بدولارات اللبنانيين… سوق ظل وأرباح طائلة
لا يزال لبنان يتخبّط بأزمة اقتصادية خانقة، تسببت في تراجع حاد لقيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار وازدهار السوق السوداء، التي أصبحت تحدد قيمة العملة الخضراء في البلاد.
وعلى رغم محاولات السلطات تنظيم الأوضاع المالية، فإن السوق السوداء لا تزال تؤثر على قيمة المعاملات حتى في محلات الصرافة الرسمية.
ومنذ مدة يتراوح سعر صرف الدولار في السوق السوداء بين الـ8000 والـ9000 ليرة للدولار الواحد وسط مخاوف بأن يتخطّى عتبة العشرة آلاف في الأيام المقبلة بسبب توجّه مصرف لبنان إلى رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية والمحروقات والأدوية التي كانت تستورد وفق سعر الصرف الرسمي (1515).
ووسط الفوضى في سعر الصرف، يلجأ اللبنانيون إلى شراء الدولار من السوق السوداء كملاذ آمن لهم مع الانهيار السريع لليرة اللبنانية، إلا أنهم يواجهون صعوبة كبيرة في تأمينه بسبب شحّ العملة الخضراء.
ومع غياب الدولار في المصارف وتوفّره فقط لدى الصرّافين، خصوصاً غير الشرعيين منهم، باتت السوق السوداء تهيمن على تسعيرة الدولار فتتفاقم إغراءاتها يومياً لجذب دولارات المواطنين، فيُسهم الكل في مفاقمة عجز الناس وتراجع قدرتهم الشرائية.
3 أسواق تتحكّم بالدولار.. أوّلها شتورا
وفي الإطار، تحدّثت مصادر مطّلعة لـ”العربية” أن هناك ثلاث نقاط جغرافية في لبنان تزدهر فيها السوق السوداء في بيع وشراء الدولار.
الأولى في ساحة شتوار في البقاع قرب الحدود اللبنانية-السورية، وهي عبارة عن تجمّع لصرّافين شرعيين وغير شرعيين وسماسرة وتجّار أنشأوا “سوق ظل” للتداول بالعملة الخضراء، ويحققون أرباحاً طائلة في عمليات البيع والشراء.
بالإضافة إلى ذلك، دخل هؤلاء على خط التجارة بالشيكات المصرفية، إذ يكفي أن يحرر مودعٌ شيكاً مصرفياً برقم معيّن، حتى يحصل نقداً على نسبة أربعين بالمئة منه، بينما تذهب نسبة الستين بالمئة إلى حساب الصرّاف أو أحد عملائه.
ولطالما وضع تجمّع الصرّافين في شتورة في دائرة الاتّهام بتهريب كميات من الدولار إلى سوريا في محاولة للتخفيف من العقوبات الاقتصادية المفروضة على نظامها.
كما أن هذه الساحة شكّلت ملجأ لـ”حزب الله” للحصول على الدولارات من خارج النظام المصرفي الذي جمّد حسابات تابعة له وللمتورّطين بتمويله التزاماً بأحكام وزارة الخزانة الأميركية.
وفي منتصف العام الماضي، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية “قاسم شمس وشركة شمس للصيرفة” التي تعدّ محور الحركة النقدية في هذه الساحة على لائحة العقوبات واتّهمتهما “بالضلوع في شبكة عالمية لتبييض الدولارات، وبتحويلات مالية لمصلحة حزب الله”.
الضاحية.. معقل حزب الله
وإلى ساحة شتورا، أشارت المصادر المطّلعة إلى “دور الضاحية الجنوبية (معقل حزب الله) لمدينة بيروت بالتلاعب بسعر الصرف من خلال بيع وشراء الدولار والتحويلات والتقلّبات النقدية، حيث يملك صرّافو الضاحية غير الشرعيين وغير المرخّصين، ملاءة مالية ضخمة (نحو مليار دولار) يتحكّمون عبرها بسعر صرف الدولار.
وكان أمين عام حزب الله حسن نصرالله قال في إحدى إطلالاته “نحن من يأتي بالدولار إلى لبنان ولسنا من يجمعه ومسألة التلاعب بالدولار مؤامرة لأخذ البلد إلى الانهيار”.
ويلجأ عدد كبير من اللبنانيين إلى الضاحية من أجل بيع الدولار “طمعاً” بسعر صرفه المرتفع مقابل الليرة مقارنةً بمناطق لبنانية أخرى، بالإضافة إلى صرف الشيكات المصرفية للحصول على “الكاش” بعد تقاسم قيمته مع الشاري بنسبة تصل إلى ستين بالمئة.
برج حمّود.. سوق تقليدي
وينضمّ سوق برج حمّود (مركز كبير للبنانيين من أصل أرميني) في جبل لبنان إلى خريطة توزّع السوق السوداء لبيع وشراء الدولار.
ووفق المصادر المطّلعة “فإن هذا السوق الذي تنشط فيه تجارة الذهب تزدهر فيه أيضاً تجارة العملات الصعبة بطريقة غير شرعية.
ولطالما كان سوق برج حمّود سوقاً تقليدياً لأعمال التجارة، خصوصاً تجارة الذهب والألبسة.
اتهامات للسفارة الصينية.. ونفي
في المقابل، اعتبرت المصادر المطّلعة أن السفارة الصينية في بيروت دخلت على خط “تجارة” الدولار من خلال تحوّلها إلى ما يشبه الوسيط بين التاجر اللبناني الذي يريد شراء بضاعة من الصين والتاجر الصيني.
إلا أن مصادر السفارة نفت جملةً وتفصيلاً لـ”العربية.نت” “تلك الأخبار”، طالبة من الجانبين الصيني واللبناني الالتزام بالقوانين الصينية واللبنانية خلال التعامل والتعاون”، ومؤكدةً أنها لا تُقدّم أي مساعدة أو خدمة مالية لتعاونهم”، غير أن المصادر المطّلعة أصرّت على معلوماتها التي قالت إنها استقتها من أحد كبار التجّار في لبنان، على حدّ قولها.
العربية.نت