«أيام لا تُنسى»: إعادة اعتبار للمكان السوري
يأمل أيمن زيدان أن يعيد للجغرافيا السوريّة اعتبارها في مسلسل «أيام لا تنسى»، من إخراجه وكتابة فايزة علي في تجربتها الأولى. المسلسل من إنتاج شركة «إيه بي سي» بالشراكة مع «سيريانا» للإنتاج والتوزيع الفني. تمنح تفاصيل الديكور انطباعاً أوليّاً عن منتج يقدّم ضمن مناخٍ دراميّ مدروس بدقّة.
ينشغل المخرج بالوصول إلى علاقة متوازنة بين شكل ومضمون المشهد. يجري بروفات مكثفة مع الممثلين ومساعد المخرج عروة العربي قبل تصوير اللقطة. كتب، لوحات تشكيلية، طاولة مكتب، كمبيوتر محمول، آلة تسجيل، إكسسوارات منزلية بسيطة. يمسح المخرج غبار الكمبيوتر المحمول. يفتحه ويفتعل الكتابة. يرسم ملامح مشهد لتؤديه ديمة قندلفت بدور دينا الكاتبة التي تنجز عملها الروائي الأول. ثمانون انطلق التصوير في دمشق، وبعدها في طرطوس وريفها، ليكون جاهزاً للعرض في رمضان 2016.
يحكي العمل مصائر ثلاث نساء دينا (قندلفت)، ومريم (حلا رجب)، وليلى (رنا كرم). تواجه الشخصيّات مسارات حياتية مختلفة، يسيطر على مجملها حالة من الانكسار والحزن والخيبة والمرارة وبعض لحظات الفرح المسروقة. على خطٍّ موازٍ، نتتبع قصص ثلاث نساء أخريات تؤدّي أدوارهنّ الممثلات سوزان نجم الدين، وعبير شمس الدين، وصباح الجزائري. تمتد أحداث العمل بين عامي 1990 و2016، ويمرّ على ارتدادات الأزمة اجتماعياً.
يشارك في العمل نخبة من النجوم السوريين من بينهم عبد الهادي صباغ، ومحمد حداقي، ووائل رمضان، وزهير عبد الكريم، ومحمد قنوع، وشادي زيدان، ورضوان عقيلي وآخرون إضافة إلى مجموعة شباب. «لكل شخصية في العمل قصتها ومصيرها وحكايتها بغض النظر عن عدد مشاهدها»، يقول المخرج.
يؤكد أيمن زيدان بأن توليه إخراج «أيام لا تُنسى» يندرج ضمن رغبة بإنجاز مشروع صادق وحقيقي. يضيف في حديثه لـ «السفير»: «يحمل النصّ نفحةً روائيّة. وأهم ما فيه هو الجانب الحكائي الذي أصبح مهملاً في الدراما التلفزيونية في السنوات الأخيرة». ويضيف: «جغرافيا المكان المتنوّعة والممتدة في العمل، كانت تتطلّب مرجعيّة إنتاجيّة تمتلك تصوّراً واسعاً لتقديم شيء مختلف، وذلك ما تحقق بجهة إنتاجيّة تبنّت المشروع بكامل أعبائه الإنتاجية». ويلفت إلى أنّ «المسلسل يتحرّك في جغرافيات مختلفة تأتي حاملة للجانب المديني والريفي لتكون الطبيعة ضرورة درامية أيضاً». في هذا الإطار، جاء اختيار الفريق الفنّي للعمل، نظراً لتمتّعه بمعرفة منهجيّة سواء من ناحية تصميم الملابس (ريم الشمالي)، أو تصميم الديكور (سحر النواقيل).
لا يأخذ زيدان دوراً في العمل، بعكس عادة المخرجين/ الممثلين. يقول: «أوظّف خبرتي كممثل لإعادة الاعتبار لموقع الممثل ضمن المشروع التلفزيوني بمنطق بناء، وخلق شخصيات تبدلات عاطفية وانعطافات وتلوينات إنسانية تحتاج إلى مهارات تمثيليّة، وأراهن دائماً على اللحظات الصادقة. جل الاهتمام يتركز على الحركة والصنعة الدرامية».
يرى زيدان أنّه لا يمكن للإنتاج الدراميّ أن يكون خارج الأزمة، ما يختلف هو شكل التعاطي، فهناك أعمال تتصدى للأزمة بشكل مباشر، وأعمال تتصدى لارتداداتها على المستوى الاجتماعي. «تشكّل الأزمة خلفية للأحداث في المسلسل، ولا ندعي أن هذا هو الشكل المثالي».
يكتفي زيدان لهذا الموسم بحضوره مخرجاً لمسلسل «أيّام لا تنسى»، وبطلاً في فيلم «الأب» لباسل الخطيب. كما صدرت له حديثاً مجموعة قصصية بعنوان «أوجاع».
تؤدي الممثلة ديمة قندلفت دور الصحافية دينا. تقول إنّ حبّها للشخصيّة، وإن لم تكن تشبهها، هو العنصر الأهمّ في الأداء. تقول لـ «السفير»: «لأقبل بدور ما يجب أن تقنعني الشخصية بمنطق تواجدها في النص والكتابة والأفعال التي تصدر عنها ومبرراتها. قد تكون شريرة شرط ألا تكون قبيحة». وتضيف: «دينا شخصية بسيطة، صحافية حرة ومجتهدة وحيوية وديناميكة. تحب مالك وهو رجل متزوج (يؤدي الدور مروان أبو شاهين)، وتتعرّض لانكسارات متلاحقة. علاقتها قوية مع والدها (زهير عبد الكريم) وقائمة على البوح. طموحها أن تكتب رواية، لنشهد كتابة تلك الرواية في نهاية العمل».
يحاول صنّاع العمل الذهاب أبعد مما رأته الدراما إلى الآن في الأزمة، والقول إنّ المكان السوري لا يزال يتسع لبشر يعيشون ويحلمون.
صحيفة السفير اللبنانية