أين تركيا بعد خان شيخون؟
السيطرة على خان شيخون تفتح الطريق لتحرير أراضٍ سورية في إدلب وصولا إلى جسر الشغور في محافظة اللاذقية. لكن تركيا التي فشلت بحماية “جيش العزّة”، تحاول على الرغم من معارضة موسكو المحافظة على موطىء قدم في مورك بدعوى استمرار نقاط المراقبة.
المحاولة التركية لإنقاذ “جيش العزة” وفصائل الجبهة الشامية وفيلق الرحمن، وصفها الرئيس السوري بشار الأسد في لقائه وفداً روسياً بأنها تكشف لبعض المخدوعين الحماية التركية للجماعات الارهابية في سوريا. فالمعارك التي يخوضها الجيش السوري تنجح بالسيطرة خان شيخون وانسحاب الجماعات المسلّحة من المدينة ما يمهّد الطريق لتحرير كل الأراضي السوري كما أوضح الرئيس الأسد تعليقاً على معارك إدلب.
لكن السيطرة على خان شيخون وضعت “جيش العزّة” المدعوم من أميركا بين فكي كماشة وأدت إلى استعادة السيطرة على الطرق الدولية بين حلب ودمشق وتطهير ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، وهو ما يوجه صفعة استراتيجية لوجود تركيا في إدلب والشمال السوري لا تزال تسعى في المباحثات مع روسيا التخفيف من تداعياتها.
المراهنة التركية على استغلال نقطة المراقبة في “مورك” لتوفير الدعم والحماية للجماعات المسلّحة، ذهبت بأنقرة إلى الدفع بحوالي 50 مركبة حربية بينها 5 دبابات بدعوى حماية الجنود الاتراك في “مورك” والدفاع عن الجماعات المسلّحة التي تشاركها “عملية درع الفرات” في الشمال السوري. ولم يأبه الجيش السوري لتحذير وزير الخارجية التركي مولولود جاويش أوغلو “من اللعب بالنار”، فلا تزال نقطة المراقبة في “مورك” محاصرة وباتت خان شيخون بحكم الساقطة عسكرياً بعد تشتّت الجماعات المسلّحة وتبادل تحميل المسؤولية بين هيئة تحرير الشام من جهة وبين الجماعات الأخرى الأكثر التصاقاً بتركيا.
ما تتذرّع به تركيا كمخلب قط لوجودها في نقاط المراقبة 12 بناء على اتفاقيات “سوتشي” هو موضع الشك والتسويف الذي توجهه موسكو إلى أنقرة. فوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يعبّر عن الوجهة الروسية في دعم الجيش السوري في معارك إدلب بقوله، كنّا نأمل مساعدة تركيا في خفض التصعيد وضبط الجماعات الارهابية ومنعها من تهديد المدنيين لكن هذا الأمر لم يحصل ولا يبدو أن تركيا قادرة بمفردها على خفض التصعيد ما يستدعي البحث عن وسائل ملائمة في إشارة ربما إلى القمة الرئاسية المرتقبة في 11 أيلول/ سبتمبر بين الدول الضامنة لاتفاقيات خفض التصعيد.
ما يرشح عن المباحثات بين وفدي موسكو وأنقرة بشأن تداعيات تحرير خان شيخون، هو إصرار تركيا على العودة إلى ما قبل عمليات الجيش السوري في معارك إدلب، كما تطلب الناطقة باسم الخارجية الاميركية “للمحافظة على المدنيين ومنع تقدّم جيش الأسد”. فالوفد التركي يطلب على ما يبدو استمرار نقطة “مورك” وإضافة نقطتين جديدتين في شمالي خان شيخون وغربها. ويطلب فتح طريق إمداد إلى “مورك” من جهة الطريق الدولي الذي يمر من خان شيخون وتل النمر مقابل أن تتعهّد تركيا بفتح طريق دمشق حلب الدولي والاتفاق مع موسكو على آليات السيطرة عليها.
الوفد الروسي يتناول بحسب بعض الكواليس “ملامح جديدة لخريطة منطقة خفض التصعيد في إدلب على خلفية التطورات الميدانية الأخيرة” من دون توتير الأجواء مع تركيا لكن من دون اطمئنانها أيضاً إلى حماية ودعم الجماعات الارهابية إلى ما لا نهاية وتأجيل تفكيك هيئة تحرير الشام و والمجموعات “القاعدية” في مرتفعات كباني فضلا عن المجموعات المدعومة من الدول الغربية.
لعلّ المأزق التركي في فشل المراهنة على حماية هذه الجماعات والتذرّع بخفض التصعيد، هو ما يشير إليه رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كجيدار أوغلو الذي يدعو اردوغان إلى الاعتراف بفشل سياسته الخارجية وإعادة العلاقات مع سوريا والتعاون مع الرئيس بشار الأسد، بحسب أوراق التحضير لمؤتمر موسّع “لمناقشة الأزمة السورية” في القريب المنظور.
الميادين نت